×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ثم قالوا: ﴿رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ، خافوا أن يُفتنوا عن دينهم.

والإنسان لا يُبرئ نفسه، أو يُعجب بنفسه، أو يأمن من الانتكاسة ويأمن من الردة!! لا، لا يأمن من ذلك ولا من الزيغ، فليكن على حذر.

فقولهم﴿رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ: قيل: معناه: لا تسلط علينا الكفار فيَفتنونا ويصرفونا عن ديننا.

وقيل: معناه: لا تَنصر الكفار علينا، فيَزيد كفرهم ويقولوا: «لو كانوا على حق لما انتصرنا عليهم!!» فيكون هذا فيه فتنة للكفار؛ حيث إنهم يُعجبون بكفرهم ([1]).

كما قال موسى عليه السلام لقومه: ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰقَوۡمِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَيۡهِ تَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّسۡلِمِينَ ٨٤ فَقَالُواْ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡنَا رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ٨٥ وَنَجِّنَا بِرَحۡمَتِكَ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٨٦ [يونس: 84- 86].

وتأمل قولهم: ﴿إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ، بعد قولهم: ﴿وَٱغۡفِرۡ لَنَا رَبَّنَآۖ ولم يقولوا: «واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم»؛ لأن الدعاء فيه: ﴿رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ، فالله عز وجل جعل قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه، يُقلبها كيف يشاء.

فاسم الله ﴿ٱلۡعَزِيزُ يناسب هذا الدعاء؛ لأنه القادر على تصريف القلوب.

وصَلَّى الله وسَلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

***


الشرح

([1])  انظر: تفسير الطبري (23/ 319)، وتفسير ابن كثير (8/ 116)، وتفسير القرطبي (18/ 57).