﴿أَن
تَوَلَّوۡهُمۡۚ﴾، بأي نوع من الولاية، ﴿وَمَن
يَتَوَلَّهُمۡ﴾، بالنصرة والمحبة، والمدح
والثناء والتزكية لهم، ﴿فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ﴾، حَصَر الظلم فيهم، فهم أشد الناس ظلمًا.
والظلم:
وَضْع الشيء في غير موضعه. فهم ظالمون لأنهم وضعوا الولاية في غير موضعها؛ لأن
الولاية إنما تكون للمؤمنين، ولا تكون الولاية للكافرين أبدًا.
ثم
لنَعلم أن الإحسان الدنيوي إليهم، وأن المعاملة معهم بالتجارة والإيجار، وإبرام
العهود معهم والمواثيق، وتبادل المنافع - ليس ذلك من الموالاة، بل هذا من تبادل
المصالح ومقابلة الإحسان لمن لم يسئ إلينا.
فلنتنبه
لذلك؛ لأن هناك مَن لَبَّس بين الأمرين، وظن أن المعاهدات معهم وعقد الذمة، والبيع
والشراء منهم، واستيراد بضائعهم، وتمكينهم من الاتجار في بلادنا واتجارنا في
بلادهم، ظنوا أن هذا من الموالاة!! لأنهم لا يفقهون ولا يفهمون؛ ولذلك اعتدَوْا
على المُعاهَدين والمُستأمَنين في بلادنا؛ لأنهم لا يفقهون ولا يميزون بين ما يحل
وما يحرم، ولا يميزون بين الموالاة المحرمة والمعاملة المباحة؛ ولذلك وقعوا فيما
وقعوا فيه.
لذا يجب التنبه إلى هذا الأمر، فالأمور لها ضوابط ولها فقه، فلا يعرف هذه الأمور - ما يجوز، وما لا يجوز مع الكفار - إلاَّ العلماء. وليس كل مَن كان فيه حماس ومحبة للخير ودين يُصْدِر الأحكام عن جهل. وهذا يكون نقضًا ويظن أنه من الجهاد، وهذا من مقاطعة الكفار؛ فهو خَلَط بين الأمور بجهله.