×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ولما صرح لهم باسمه، كان هذا يوجب على بني إسرائيل أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن نبيهم أخبر به وببعثته، فيجب عليهم أن يؤمنوا به؛ تصديقًا لما أَخبر به نبيهم، ولما يجدونه في التوراة والإنجيل من صفاته صلى الله عليه وسلم.

﴿فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ، أي: جاء محمد «فهو مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل» اليهودَ والنصارى بالبينات، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وأنه موجود عندهم في التوراة والإنجيل، يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويعرفونه باسمه وأوصافه صلى الله عليه وسلم، ﴿ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ [البقرة: 146]، ﴿ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ [الأعراف: 157].

فهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ومع هذا لما جاءهم بالبينات من الله عز وجل، ما جاءهم بآيات غامضة، بل بآيات واضحة توافق ما عندهم من أوصافه صلى الله عليه وسلم، ﴿قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ أي: ما جاء به سحر مبين. وهو آيات بينات، ومع هذا قالوا: ﴿سِحۡرٞ. وهم يعلمون أنه ليس سحرًا، ولكن من باب المكابرة والحسد.

فهم بذلك كفروا بنبيهم عيسى؛ لأنهم كَذَّبوه فيما بَشَّرهم به، وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم.

والسحر كُفْر، والنبي لا يأتي بالكفر، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيۡمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ [البقرة: 102]، فالأنبياء بَرَّأهم الله من السحر، والكَهانة. وما يأتون به فهو وحي منزل من الله عز وجل. وكيف يكون ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم سحرًا؟!

والذي حَمَلهم - أي: اليهود - على مقالتهم هذه ورميهم الأنبياء بالسحر والأباطيل: الكِبْر والحسد، فحسدوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، وهم يعلمون


الشرح