وقيل: معنى ﴿مُّصَدِّقٗا
لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ﴾:
أن وَصْف عيسى عليه السلام مذكور في التوراة، فجاء مطابقًا لما عندهم في التوراة،
فلا مجال لإنكاره، فهو مُثْبَت في التوراة التي بين أيديهم ([1]).
والتوراة
هي: كتاب موسى عليه السلام. والإنجيل هو: كتاب عيسى
عليه السلام. والزَّبور هو: كتاب داود عليه السلام. وقد ذَكَر الله لنا أسماء بعض
الكتب، فنؤمن بها بأعيانها، وما لم يَذكر الله اسمه فنؤمن به جملة، فنؤمن أن لله
كتبًا كثيرة، منها ما سمى الله فنؤمن به بعينه، وما لم يُسَمِّ الله فنؤمن به
جملة.
﴿وَمُبَشِّرَۢا
بِرَسُولٖ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِي ٱسۡمُهُۥٓ أَحۡمَدُۖ﴾،
فهو مُصَدِّق لمن مضى، ومُبَشِّر بمن سيأتي.
وهكذا
الرسل - عليهم الصلاة والسلام - يتبع مُتأخرُهم مُتقدِّمَهم، ويبشر أولهم بآخرهم،
فهم كالسلسلة الواحدة.
والرسول
الذي يأتي بعد عيسى هو: محمد صلى الله عليه وسلم، وقد جاء الرسول صلى الله عليه
وسلم كما أخبر به المسيح، فبُعِث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعد فترة من
الرسل؛ لأن المدة بين عيسى عليه السلام وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم - فترة
طويلة.
﴿ٱسۡمُهُۥٓ
أَحۡمَدُۖ﴾، وهذا من أسماء نبينا محمد
صلى الله عليه وسلم، أحمد، ومحمد... وله أسماء غير ذلك، منها الماحي، والحاشر، والعاقب
([2]).
وسُمي ﴿أَحۡمَدُۖ﴾ صلى الله عليه وسلم؛ لكثرة محامده، وكثرة حمده لله، وكثرة حمد الناس له والثناء عليه. فهو ﴿أَحۡمَدُۖ﴾ بمعنى: حامد، و ﴿أَحۡمَدُۖ﴾ بمعنى: محمود.
([1]) انظر: تفسير الطبري (23/ 359)، وتفسير ابن كثير (8/ 135).