سبب
نزول الآية: أن المسلمين كانوا في فقر وفاقة، ثم جاءت عِير
من الشام عليها بضائع، وهم بحاجة إليها، فسمعوا بها، وكانوا في المسجد جالسين
يستمعون الخطبة من الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما سمعوا بقدوم العِير خرجوا
إليها، ولم يَبْقَ مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلاَّ اثنا عشر رجلاً، منهم: أبو
بكر وعمر رضي الله عنهما، فعاب الله عليهم ذلك ([1]).
﴿ٱنفَضُّوٓاْ
إِلَيۡهَا﴾، أي: للتجارة ﴿وَتَرَكُوكَ
قَآئِمٗاۚ﴾، أي: تَخْطُب على المنبر.
فعاب الله ذلك عليهم ووَبَّخهم سبحانه وتعالى، لكنهم فَعَلوا هذا لشدة الحاجة وشدة
الفاقة، كُلٌّ يريد أن يأخذ من هذه العِير شيئًا يدفع به حاجته.
وهذا
- والله أعلم - كان في أول الأمر، لما كانت الخطبتان بعد الصلاة، وكان النبي صلى
الله عليه وسلم يصلي الجمعة أولاً ثم يخطب، كما في العيد والاستسقاء، ثم بعد ذلك
قُدمت الخطبتان على الصلاة.
قال
الله عز وجل: ﴿قُلۡ مَا عِندَ
ٱللَّهِ﴾من الرزق في الدنيا، والثواب
والأجر في الآخرة، ﴿خَيۡرٞ مِّنَ ٱللَّهۡوِ وَمِنَ ٱلتِّجَٰرَةِۚ وَٱللَّهُ
خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ﴾ [الجمعة:
11]، فيُطلب الرزق من الله عز وجل، مع أداء ما أوجب الله من عبادته وحده لا شريك ﴿فَٱبۡتَغُواْ
عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ﴾ [العنكبوت: 17].
وديننا - والحمد لله - لا يمانع في طلب الرزق، إذا كان لا يشغل عن أداء الواجبات، بل يأمر بذلك ويحث عليه، فديننا جامع بين مصالح الدين والدنيا.
([1]) انظر: تفسير الطبري (23/ 386- 388)، وتفسير ابن كثير (8/ 149)، وتفسير القرطبي (18/ 110)).