الثاني:
نفاق عملي، وهو لا يُخرج من الملة، ولكنه يُنقص الإيمان ([1])،
فمَن اتصف بصفة من صفات المنافقين نَقَص إيمانه، وإذا تكاثرت فيه صفات المنافقين
نَقَص إيمانه نقصًا عظيمًا.
عن
عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَرْبَعٌ
مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ
مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا...» يعني:
النفاقَ العملي لا النفاق الاعتقادي، «إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ
أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» ([2]).
فالمؤمن
يَحذر أن تكون فيه صفة من صفات المنافقين.
والنفاق
لم يَحدث إلاَّ بعد الهجرة، وما كان في مكة نفاق؛ لأن المسلمين في مكة كانوا
مضطهدين، ولا يُؤْمِن إلاَّ مَن هو صادق في إيمانه ويصبر على الاضطهاد والبلاء.
فلم يَنْجُم النفاق في مكة، وإنما نَجَم بعد الهجرة.
لما
هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وبايعه أهل المدينة من الأوس
والخزرج، وظَهَر الإسلام؛ كان هناك من الأوس والخزرج مَن لم يقبلوا الإسلام،
ولكنهم لجئوا إلى النفاق، بأن أظهروا الإسلام؛ لأجل أن يَسْلَموا على دمائهم
وأموالهم، وهم كفار في الباطن!!
فأنزل الله عز وجل ما يفضحهم من الآيات والسور؛ كما في أول سورة «البقرة»، وكما في سورة «التوبة»، وكما في هذه السورة.
([1]) انظر: معارج القَبول (3/ 1020)، وإعانة المستفيد (1/ 200) للمؤلف - حفظه الله -.