×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

وفي هذه السورة يقول الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ [المنافقون: 1]، فقد كانوا يأتون إلى مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لينافقوا ويتملقوا، ويدفعوا الشبهة عنهم.

فكانوا يَحضرون في مجلسه صلى الله عليه وسلم، ولكن صَدَق القائل: «كاد المريب أن يقول: خذوني»، فكانوا إذا أَتَوْا قالوا للرسول: ﴿نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ ولم يَطلب منهم الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لأنهم مسلمون، والمسلم لا يحتاج إلى أن يقول للرسول: «أشهد أنك رسول الله» لأنه مسلم من الأصل.

فلما كانوا مستوحشين من حالهم، وأرادوا أن ينفوا هذه التهمة عن أنفسهم، قالوا: ﴿نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ، فالشهادة يمين.

قال الله عز وجل: ﴿وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ، ليس هناك حاجة لأن يقولوا هذا؛ لأن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ثابتة، والمؤمنين يعتقدونها، فلا حاجة إلى أنهم إذا لَقُوا الرسول قالوا: ﴿نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ [المنافقون: 1].

﴿وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ والله يشهد أنهم في قولهم هذا كاذبون!! ففَضَحهم الله عز وجل.

ثم بَيَّن سبحانه وتعالى غرضهم من هذه الشهادة، ولماذا يشهدونها عند لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال عز وجل:

﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ، أي: شهادتهم. وفي قراءة: «اتَّخَذُوا إِيمَانَهُمْ جُنَّةً»، أي: سُترة، يستترون بها أمام الناس وأمام المسلمين؛ لأجل أن يَسْلَموا على أموالهم وعلى دمائهم، ويَبْقَوا مع المسلمين؛ لأنهم ليس فيهم شجاعة وقوة يقاومون بها المسلمين، فلجئوا إلى هذه الحيلة.

﴿فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ، صدوا غيرهم عن سبيل الله؛ لأنهم يَفُتُّون في عَضُد مَن يريد الإسلام، وفي عَضُد المسلمين، ويشككونهم في الإسلام.


الشرح