ورَدَّ
الله عليهم بقوله: ﴿وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾، فالرزق من عند الله؛ لأنه بيده خزائن السموات، والأرض
المملوءة بأرزاقه سبحانه وتعالى، فإِنْ منعتم ما عندكم، فإن الله غني حميد، يعوضهم
ويعطيهم من فضله.
ثم
إن المهاجرين ما جاءوا طلبًا لما عندكم، وإنما جاءوا طلبًا لثواب الله ومحبة
الرسول صلى الله عليه وسلم، ورغبة فيما عند الله من أجر الجهاد والهجرة وفرارًا
بدينهم.
ثم
قال عز وجل: ﴿وَلَٰكِنَّ
ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ﴾،
لا يفهمون أن الرزق من عند الله، وأن الله عز وجل هو الذي ينفق على عباده، ﴿وَمَا مِن
دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ رِزۡقُهَا وَيَعۡلَمُ
مُسۡتَقَرَّهَا وَمُسۡتَوۡدَعَهَاۚ﴾
[هود: 6]، ﴿وَكَأَيِّن
مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ وَهُوَ
ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ﴾
[العنكبوت: 60].
فإن
منعتم ما تعطونه هؤلاء، فلن يمنع الله عنهم الرزق وسيعوضهم خيرًا مما عندكم.
فهذا
فيه رَدٌّ عليهم، وبيان أنهم لا يفهمون الأسرار الكونية ولا يفقهون أسباب الرزق.
وكون الإنسان لا يفقه يجعله يَصدر منه مثل هذه المقالة؛ لأنه لا يَفهم أن الأرزاق
بيد الله، وأن الله عنده خزائن السموات والأرض، يملكها سبحانه وتعالى، ويرزق
عباده، ولا يَنقص ذلك مما عنده شيئًا إلاَّ كما يَنقص المِخْيَط إذا أُدْخِل
البحر.
﴿وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ﴾، مع أنهم يظنون الآن أنهم مثقفون وأنهم متحضرون!! فهذا وَصْف المنافقين عمومًا في كل زمان وفي كل مكان، فالمنافقون لا يفقهون في كل زمان وفي كل مكان، وإن زعموا أنهم فاهمون ومثقفون، فهم لا يفقهون؛ لأن الله حرمهم من الفقه بسبب نفاقهم.