فحَرَّم
النبي صلى الله عليه وسلم مارية رضي الله عنها على نفسه، فعاتبه الله عز وجل،
وشَرَع له سبحانه وتعالى المَخْرَج من هذا التحريم.
وقيل:
إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشرب العسل عند بعض نسائه، ويتأخر لأجل شرب
العسل، فوجدت بقية النساء عليه في ذلك فعاتبنه، فحَرَّم على نفسه صلى الله عليه
وسلم أن يشرب العسل.
وقيل:
إن سبب نزول الآيات المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، فوجدت نساء
النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الأمر غضاضة، فحَرَّمها النبي صلى الله عليه وسلم
على نفسه ([1])،
وهذا أضعف الأسباب.
وأما
السببان الأولان، فلا تَعارُض بينهما في أن يكون صلى الله عليه وسلم حَرَّم على
نفسه مارية القبطية رضي الله عنها، وحَرَّم على نفسه العسل، فحَرَّم الأمرين كليهما،
فلا تَنافي بينهما.
﴿لِمَ تُحَرِّمُ
مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَۖ﴾،
استفهام عتاب، والمعنى -والله أعلم-: لأي سبب؟!
﴿تَبۡتَغِي
مَرۡضَاتَ أَزۡوَٰجِكَۚ﴾،
أي: أنك حَرَّمتَ ما أحل الله سبحانه وتعالى لك؛ من أجل إرضاء أزواجك.
ثم
قال عز وجل: ﴿وَٱللَّهُ
غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾، غفور لما
حصل منك، رحيم بك وبعباده.
فعفا
الله سبحانه وتعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم بعد أن عاتبه.
ثم بَيَّن سبحانه وتعالى المَخْرَج له صلى الله عليه وسلم من ذلك، وأفتاه فيما حصل منه، فقال عز وجل: ﴿قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ﴾، أي: شَرَع لكم، ﴿تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ﴾، أي: ما يحل اليمين بعد انعقادها، وهو الكفارة.
([1]) انظر: تفسير ابن كثير (8/ 182)، وتفسير القرطبي (18/ 178).