وهذا
وَعْد من الله سبحانه وتعالى، وتَوَقُّع بالنسبة للمسلمين، فالمسلمون يتوقعون أن
تزول هذه الغمة، وإلا فإن الله يعلم سبحانه وتعالى ما يكون، إنما التوقع من
المؤمنين ألاَّ يقنطوا.
وهذا
فيه دليل على: أنه لا يُحكم بخاتمة أحد ولا بالإيمان ولا بالكفر؛ لأن القلوب بيد
الله، والأعمال بالخواتيم، وربما يكون كافرًا عدوا لله ولرسوله، وعدوا للمؤمنين،
ويهديه الله سبحانه وتعالى، فيصبح وليًّا لله ولرسوله وللمؤمنين؛ كما قال النبي
صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ
اللهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» ([1]).
فالأمر
بيد الله سبحانه وتعالى، ولا يَحكم على العواقب والخواتيم إلاَّ الله سبحانه
وتعالى.
وقد
وقع ما أخبر الله عز وجل به في هذه الآية، فقد اهتدى كثير من كفار مكة، ودخلوا في
الإسلام وحَسُن إسلامهم، وكانوا من قبل من صناديد الكفر ومن ألد الأعداء لله
ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، فالله سبحانه وتعالى هداهم.
فبعد
صلح الحديبية أسلم كثير من الكفار، وهاجروا إلى المدينة؛ مثل عمرو بن العاص، وخالد
بن الوليد... وجماعة من أكابر كفار مكة. فهذا وعد الله سبحانه وتعالى، وقد تحقق.
ثم
قال: ﴿وَٱللَّهُ
قَدِيرٞۚ﴾، على أن يَهدي الضال،
ويُضِل المهتدي؛ لأن القلوب بيد الله سبحانه وتعالى.
﴿وَٱللَّهُ
غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾، يغفر لمن
تاب ومن أسلم، وإن كان حصل منه وقت الكفر جرائم.
فهذا دليل على: أن الإسلام يَجُبّ ما قبله، وأن التوبة تَجُبّ ما قبلها، ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ﴾ [الأنفال: 38]،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2654).