هذه عامة، في كل ما سلف.
و
﴿غَفُورٞ﴾ كثير المغفرة. و«الغَفْر» في اللغة: السَّتْر. بمعنى:
أنه يَستر هذه العيوب بالإيمان والإسلام، فتختفي كأن لم تكن. وهذا من لطفه سبحانه
وتعالى.
﴿رَّحِيمٞ﴾، بعباده. ومن رحمته: أنه يَهدي من يشاء، ومَن يَعلم أنه
يستحق الهداية ويَصلح لها، فإن الله يرحمه ويهديه.
ثم
بَيَّن سبحانه وتعالى أن معاداة المؤمنين للكفار لا تمنع التعامل معهم في المصالح،
ومكافأة مَن أحسن منهم إلى المسلمين، فقال سبحانه وتعالى: ﴿لَّا
يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ
يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ﴾
[الممتحنة: 8]، ما حَرَّم الله من موالاة الكفار في الآيات السابقة - سَبَّب حرجًا
لكثير من المسلمين؛ لأن لهم أقارب من الكفار في مكة وفي غيرها؛ فتحرجوا ماذا
يعملون مع أقاربهم؟! هل يقاطعونهم نهائيًّا؟ وفي هذا حرج ومشقة؛ لأن منهم مَن هم
أقارب وأولاد، وآباء وإخوان وأرحام!! فأصابهم الهم والتضايق، ماذا يعملون مع
أقاربهم من الكفار الذين في مكة وغيرهم؟! ([1]).
ففَرَّج
الله عنهم، فقال سبحانه وتعالى: ﴿لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ
يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن
تَبَرُّوهُمۡ﴾، أن تُقابِلوا فعلهم
وجميلهم بالجميل؛ لأن دين الإسلام دين الوفاء، فمَن لم يَصدر منه في حق المسلمين
إساءة، ولم يحاول صد المسلمين عن الإسلام.
﴿لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ﴾ ولم يَحملوا السلاح عليكم، وإنما هم مسالمون.
([1]) انظر: تفسير الطبري (23/ 322)، وتفسير ابن كثير (8/ 118)، وتفسير القرطبي (18/ 58).