من المؤرخين، وتعتيم
على الواقع.
ورد مثل هذا الهُراء
والجحود لما هو معلوم ومتواتر، لا يحتاج إلى كثير عناء:
وَلَيْسَ يَصِحُّ
فِي الأَْذْهَانِ شَيْءٌ *** إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَلِيلٍ
ومنهم من يقول: إن
الشيخ لا يعتبر مجدِّدًا في العقيدة، وأما في الفقه فإنه حنبلي مقلد.
وكأن هذا القائل يرى
أن العالم لا يكون مجدِّدًا حتى يخرج على المذاهب الأربعة وعن أقوال الفقهاء، ومثل
هذا لا يعرف معنى التجديد، فهو يهْرِف بما لا يعرف.
إن التجديد معناه:
إزالة ومحاربة ما عَلِق بالدين من خرافات وشركيات ومبتدعات ما أنزل الله بها من
سلطان، وبيان الدين الحق والمعتقد السليم كما كان عليه رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وليس من شرط ذلك أن يخرج على المذاهب الأربعة وأقوال الفقهاء ويأتي بفقه
جديد.
وها هم الأئمة من
المحدثين الكبار كانوا مذهبيين؛ فشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم كانا حنبليين،
والإمام النووي وابن حجر كانا شافعيين، والإمام الطحاوي كان حنفيًّا، والإمام ابن
عبد البر كان مالكيًّا.
ليس التمذهب بأحد
المذاهب الأربعة ضلالاً حتى يعاب به صاحبُه، بل إن الذي يخرج عن أقوال الفقهاء
المعتبرين وهو غير مؤهل للاجتهاد المطلق هو الذي يعتبر ضالًّا وشاذًّا.
والشيخ رحمه الله لا يأخذ قول المذهب الذي ينتسب إليه قضية مسلمة حتى يعرضه على الدليل؛ فما وافق الدليل أخذ به، ولو لم يكن في المذهب الذي يقلِّده إذا وافق قول أحد الأئمة الآخرين؛ لأن هدفه
الصفحة 5 / 619