ومن هنا نعلم أن
هؤلاء الذين لا يكتبون «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» في أول
مؤلفاتهم في هذا العصر؛ أنهم قد خالفوا السنة، واقتدوا بالغربيين، وإلَّا فإن
المشروع في حق المسلم أن يبدأ بهذه الكلمة في أموره؛ في مؤلفاته، في خطبه، في
محاضراته، في رسائله، إلَّا أن هذه الكلمة لا تُكتب أمام الشعر الذي فيه هجاء أو
فيه ذَم، ولا تُكتب أمام الكلام الذي فيه سِباب أو شتم أو كلام قبيح، تُنزَّه هذه
الكلمة، لا تُكتب أمام الشعر، وأعني: الشعر غير المحترم، أما الشعر النزيه الطيب
فلا بأس، كذلك لا تُكتب أمام الهجاء، وأمام السب والشتم، وإنما تُكتب أمام الكلام
النزيه، ولهذا جاءت هذه الكلمة العظيمة في مبدأ كل سورة من سور القرآن العظيم، سوى
بين براءة والأنفال فإنها لم تأتِ بينهما؛ وقد أجاب أهل العلم عن ذلك، والله أعلم
أنهما سورة واحدة، لأنهما في موضوع القتال، فهما في موضوع واحد وكأنهما سورة
واحدة، أما في بقية السور فإنها تأتي في أول ومطلع كل سورة.
ومعناها - كما قرر
أهل العلم -: «بِسْمِ اللهِ» الجار والمجرور متعلق بمحذوف يجب أن يكون
مؤخَّرًا، أي: أستعين، بـ «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، أو أبتدئ
بـ «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» كتابي ومؤلَّفي، أو ابتدئ كلامي بـ
«بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، فالجار والمجرور متعلِّق بمحذوف
مؤخّر.
والله عَلَمٌ على الذات المقدَّسة، وهو لا يُسمَّى به غير الرَّب سبحانه وتعالى، لا أحد تسمَّى بهذا الاسم أبدًا، حتى الجبابرة، حتى الطواغيت