وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ
شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ» ([1])، «إِنَّ اللهَ
حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهَ يَبْتَغِي بِذَلِكَ
وَجْهَ اللهِ» ([2])، إلى غير ذلك من
الأحاديث التي فيها أن التَّوحيد يعصم من دخول النار، أو يعصم من الخلود فيها،
وسيأتي باب مستقل في هذا الكتاب المبارك اسمه «باب فضل التَّوحيد وما يكفِّر من
الذنوب».
ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ: أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا» فمعاذ رضي الله عنه استبشر بهذا الحديث الشريف، وفرح به غاية الفرح، وقال يا رسول الله: أَفَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُبَشِّرْهُمْ فيَتَّكِلُوا» ([3])، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم خَشِيَ إذا سمعه الناس فإنهم يتَّكِلون على جانب الرجاء ويتساهلون في المعاصي، ويقولون: ما دمنا موحِّدين فالمعاصي لا تضرنا؛ لأن الرسول يقول: «أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا»، ونحن - والحمد لله - لسنا مشركين، ونحن لا نعبد إلَّا الله، فيتساهلون في المعاصي، فيغلِّبون جانب الرجاء على جانب الخوف، فهذا من الحكمة؛ أن العلم لا يوضع إلاَّ في مواضعه، فإذا خيف من إلقاء المسائل على بعض الناس محذور أكبر، فإنهم تُكتم عنهم بعض المسائل من أجل الشفقة بهم، ورحمتهم من الوقوع في المحذور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكِتمان هذا
([1]) أخرجه: أحمد رقم (4043)، وابن الأعرابي في «معجمه» رقم (840).