﴿إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ
لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ ٣٥ وَيَقُولُونَ
أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۢ ٣٦﴾ [الصافات: 35- 36] وجاءت بمعناها مثل
قوله -تعالى-: ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦٓ إِنَّنِي بَرَآءٞ
مِّمَّا تَعۡبُدُونَ
٢٦ إِلَّا ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُۥ سَيَهۡدِينِ ٢٧﴾ [الزخرف: 26- 27] فقوله: ﴿إِنَّنِي
بَرَآء﴾ هذا هو معنى النَّفي: لا إله، ﴿إِلَّا ٱلَّذِي فَطَرَنِي﴾ هذا هو معنى الإثبات: إلاّ الله، فهي كلمة عظيمة.
وقوله: «وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» هذا يدل على أنه لا يكفيه شهادة أن لا إله إلاّ
الله، بل لا بد معها من شهادة أن محمدًا رسول الله، فلو شهد أن لا إله إلاَّ الله،
وأبى أن يشهد أن محمدًا رسول الله؛ لم يدخل في الإسلام، لأن هذه قرينة هذه، وكما
في الأذان، وفي الإقامة، وفي الخطب، وإذا جاءت لا إله إلاَّ الله وحدها، تدخل فيها
شهادة أن محمدًا رسول الله ضِمنًا.
وقوله: «وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» هذا نفي للإفراط والتفريط، عبده هذا نفي للإفراط والغلو في حق الرسول صلى الله عليه وسلم بجعل شيء له من الربوبية، كما يعتقد المخرِّفون، فالرسول صلى الله عليه وسلم عبدٌ ليس له من الرُّبوبية شيء، وقد سمَّاه الله عبدًا في أشرف المقامات، في مقام الوحي: ﴿وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا﴾ [البقرة: 23] وفي مقام الإسراء: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ﴾ [الإسراء: 1] وفي مقام الإنزال: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ﴾[الكهف: 1]، ﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1] وفي مقام