وكبار النصارى اعترف
النجاشي بأن هذا وحي من الله سبحانه وتعالى وقال: «إِنَّ هَذَا، وَالَّذِي
جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ» ([1])؛ فأسلم النجاشي
رحمه الله لمَّا سمع ما ذكره الله من نبأ عيسى عليه السلام وتفاصيل ولادته؛ لأنَّه
لا يمكن أن يكون من عند محمد صلى الله عليه وسلم.
فقوله صلى الله عليه
وسلم: «وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» هذا فيه ردٌّ على
اليهود وردٌّ على النصارى، أما اليهود فلأنهم جحدوا رسالة عيسى عليه السلام ورموه
بالبُهْت - والعياذ بالله - وقالوا: إنه ولد بغي، قبَّحهم الله وأخزاهم، وحاولوا
قتله، وسلَّمه الله منهم ورفعه إليه، وألقى عليهم الخزي.
وفيه ردٌّ على النصارى الذين لم يُقرِّوا بأن عيسى عبد الله، وإنَّما ادَّعُوا أنه ابن الله، أو أنه ثالث ثلاثة، أو أنه هو الله، ثلاث مقالات لهم، ذكرها الله جل وعلا في القرآن: ﴿لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَۚ﴾ [المائدة: 17] ﴿لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ﴾ [المائدة: 73] وفي قوله - تعالى -: ﴿وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَى ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ ٱللَّهِۖ ذَٰلِكَ قَوۡلُهُم بِأَفۡوَٰهِهِمۡۖ﴾ [التوبة: 30] ولا يزالون يقولون هذا إلى الآن في إذاعتهم التي يذيعون من أُمْ دُرْمان ومن فرنسا، يردِّدون هذه الأقوال الكفرية الشنيعة، ولا يزالون يقولون: إن عيسى هو ابن الله، وأنه مخلِّص، ويردِّدون عقائد النصارى السابقة، المهم أنهم لا يزالون على هذه الفِرية: أن عيسى ابن الله، تعالى الله عما يقولون، وأنه الإله المخلِّص، وأنه مَكَّن من نفسه للقتل، وقتلوه وصلبوه من أجل أن
([1]) أخرجه: أحمد رقم (1740)، والبيهقي في «الشعب» رقم (81).