يخلِّص العباد من
الخطيئة التي ارتكبها آدم عليه السلام كما يقولون، قبَّحهم الله، فيسمونه المخلِّص
ويسمون هذا العمل الفداء، وأن عيسى فعل هذا من باب الفداء لبني آدم، ليخلِّصهم من
إثم العقوبة.
وقوله: «وَكَلِمَتُهُ
أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ»، الكلمة قوله تعالى لعيسى: ﴿كُن﴾، لأن عيسى وُجد من
غير أب، بل وُجد بكلمة ﴿كُن﴾ وليس هو الكلمة، وإنما سُمِّيَ بالكلمة لأنه خُلق بها،
بخلاف بقية البشر فإنهم يُخلقون من أب وأم، وكما قال في آدم: ﴿خَلَقَهُۥ
مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59]، ﴿إِنَّ
مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59] فإذا كنتم تعجبون من كون عيسى وُلد من أم بلا أب، ووجد
على أثر الكلمة ﴿كُن﴾ فكيف لا تعجبون من خلق آدم من تراب بدون أم ولا أب، بل
بكلمة ﴿كُن﴾، ليس في هذا غرابة
على قدرة الله سبحانه وتعالى.
وقوله: وروح منه ليس المراد أن عيسى روح من الله، بمعنى أنه من ذات الله، وإنما من روحه المخلوق، لأن الله خلق الأرواح جميعًا، ومنها روح عيسى عليه الصلاة والسلام، فكلمة «منه» لابتداء الغاية، يعني كلمة مبتدأة من الله، وروح مبتدأة من الله، كما تقول مثلاً هذا الرزق من الله، معناه أن الله هو الذي يسَّر هذا الشيء، وهو الذي هيَّأه وخلقه، قال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ﴾ [الجاثية: 13] معناه: أنه حاصل ونازل وكائن من الله سبحانه وتعالى، فـ «مِنْ» لابتداء الغاية، وقد تسأل وتقول كل أرواح بني آدم من الله على هذا التفسير، فما وجه