لا بد أن يتزوَّد
بالعلم قبل أن يَشْرَع في الدعوة؛ لأنَّه في دعوته يتعرض إلى شبهات ومناظرات، فمن
أين يجيب إذا وقف في وجه معاند أو معارض أو مشبِّه، كيف يستطيع الخلاص. إنه يفشل،
ويصير نَكْسَة على الدعوة، أو يجيب بجهل ويكون الأمر أخطر، إما أن يسكت عن الجواب
وينتصر عليه الخصم، وإما أن يجيب بجهل فيكون الأمر أخطر. هذا من ناحية. والناحية
الثانية: أن الداعية يحتاج إلى معرفة الحلال والحرام، فقد يقول بجهله هذا الشيء
حرام وهو حلال، وقد يقول: هذا الشيء حلال وهو حرام، الداعية يجب أن يكون على علم
بما يدعو إليه، بحيث إنه يعرف الحلال والحرام، ويعرف الواجب والمستحب والمحرَّم
والمكروه والمباح، ويعرف كيف يجيب على الاعتراضات والشبه والمجادلات، كما قال
تعالى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ
وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾ [النحل: 125]، كيف يستطيع أن
يجادل بالتي هي أحسن وهو ليس عنده علم؟! فيُشترط في الداعية: أن يتأهل بالعلم، فإن
بعض الدعاة اليوم ليس عندهم علم، وإنما يجيد الكلام والشَّقْشَقَة والخطابة، لكن
ليس عنده علم، بحيث لو عرضت له أدنى شُبهة، أو سئل عن أدنى مسألة في الحرام
والحلال تخبَّط فيها.
﴿أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾أي: وأتباعي يدعون إلى الله على بصيرة، فدلَّ على أن من لم يدع إلى الله لم
يحقق اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وأن من دعا إلى الله على جهل لم يحقق اتباع
الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إنه أدخل نفسه فيما ليس