ويكون القصد منها إقامة شرع الله، والقصد منها
هداية الناس ونفع الناس، مدحوك أو ذمُّوك، إذا لم يُمدح ويشجِّع تَرْكَ الدعوة،
وهذا دليل على أنه لا يدعو إلى الله، وإنما يدعو إلى نفسه، فليتنبَّه المسلم ويكون
رائده وقصده من دعوته هو الإخلاص لوجه الله عز وجل، ونفع الناس، وتخليصهم من
الشرك، ومن البدع، ومن المخالفات، وأن يؤدي الواجب الذي عليه، والكثرة حول الشخص
لا تدل على فضله، بعض الأنبياء لم يتبعه إلَّا القليل: «النَّبِيَّ وَمَعَهُ
الرَّهْطَ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلَ وَالرَّجُلَيْنِ، وَالنَّبِيَّ
وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ» ([1])، هل هذا يدل على
عدم فضل هذا النبي؟ لا، حاشا وكلاَّ؛ فالإنسان ما ينظر إلى كثرة الحاضرين، «فَوَاللهِ
لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» ([2]).
اجتمع الناس على باب
ابن مسعود رضي الله عنه وهو يريد الخروج إلى الصلاة فلما خرج ومشوا خلفه، التفت
إليهم وقال: «ارجعوا، فإنه فتنة للمتبوع، ذِلَّة للتابع».
﴿أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ
بَصِيرَةٍ﴾ البصيرة معناها: العلم، بل هي أعلى درجات العلم.
وفي هذا دليل على أنه يُشترط في الداعية أن يكون على بصيرة، أي: على علم بما يدعو إليه، أما الجاهل فلا يصلح للدعوة،