الله سبحانه وتعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه
وسلم أن يُعلن للناس عن بيان منهجه ومنهج أتباعه، وهو الدعوة إلى الله على بصيرة؛
فدل على أن من لم يدع على بصيرة فإنه لم يحقق اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وإن
كان عالمًا وفقيهًا.
قوله تعالى: ﴿قُلۡ﴾ أي: قل يا محمد للناس.
﴿هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ﴾ السبيل معناها:
الطريق التي أسير عليها.
﴿أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ إلى توحيد الله عز وجل وإفراده بالعبادة، وترك عبادة ما سواه، وكذلك
الدعوة إلى بقيِّة شرائع الدين، فتكون الدعوة للكفار للدخول في الإسلام، وتكون
الدعوة للعصاة من المسلمين للتوبة إلى الله عز وجل وأداء الواجبات والتحذير من
الوقوع في الشرك، واجتناب المحرمات؛ فالدعوة ليست مقصورة على دعوة الكفار، بل حتى
المسلمون الذين هم بحاجة إلى الدعوة لوقوعهم في المعاصي والمخالفات يحتاجون إلى
دعوة، دعوة إلى التوبة، وأداء الواجبات، وترك المحرمات، والمخافة من الله عز وجل
فالدعوة عامة.
﴿أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ قال الشيخ رحمه الله: «فيه التنبيه على الإخلاص، فإن بعض الناس إنما يدعو إلى نفسه» فقد يكون الإنسان يدعو، ويحاضر ويخطب، لكن قصده من ذلك أنه يتبيَّن عند الناس، ويصير له مكانة، ويمدح من الناس، ويتجمهرون عليه، ويكثرون حوله، فإذا كان هذا قصده، فهو لم يدع إلى الله، وإنما يدعو إلى نفسه والإنسان الذي يترك الدعوة فإنه ترك واجبًا عظيمًا، والإنسان الذي لم يُخلص في الدعوة يقع في محظور عظيم، بل لا بد من الدعوة وأن تكون خالصة لوجه الله عز وجل