«وَقَالُوا لِلآْخَرِ:
قَرِّبْ. فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأُِقَرِّبَ لأَِحَدٍ شَيْئًا دُونَ اللهِ عز وجل » امتنع وأنكر الشرك، «فَضَربُوا عُنُقَهُ» يعني: قتلوه، «فَدَخَلَ
الْجَنَّةَ» بسبب التَّوحيد.
فهذا الحديث حديث
عظيم، فيه مسائل عظيمة:
المسألة الأولى: هذا الحديث فيه
جواز الأخبار عن الأمم السابقة، والتحدّث عنها بما ثبت لأجل العظة والعبرة.
المسألة الثانية: في الحديث دليل على
تحريم الذبح لغير الله، ومن ذبح لغير الله فقد أشرك، لأن هذا الرجل الذي ذبح
الذباب دخل النار، وحتى لو كان المذبوح شيئًا تافهًا، والرجل الثاني عظَّم الشرك،
وتجنبه ولو كان شيئًا حقيرًا، فدخل الجنة.
المسألة الثالثة: كما قال الشيخ رحمه
الله في مسائله: أن المدار على أعمال القلوب، وإن كان الشيء الظاهر تافهًا، لكن
المدار على عمل القلب.
المسألة الرابعة: فيه دليل - كما قال
الشيخ رحمه الله - على قُرب الجنة والنار من الإنسان، كما قال صلى الله عليه وسلم:
«الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ
مِثْلُ ذَلِكَ» ([1])، هذا ضربوا عنقه
فدخل الجنة، وذاك خلَّوا سبيله فدخل النار.
المسألة الخامسة: أن هذا الرجل الذي ذبح الذباب كان مؤمنًا، فدخل النار بذبحه الذباب؛ لأنَّه لو كان كافرًا لدخل النار بكفره،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6488).