فقالوا لأحدهما:
قرِّب. قال: ليس عندي شيء أقرِّبه، قالوا به: قرِّب ولو ذبابًا. فقرَّب ذبابًا،
فخلَّواْ سَبِيلَهُ؛ فَدَخَلَ النَّارَ. وَقَالُوا لِلآْخَرِ: قَرِّبْ، فَقَالَ:
مَا كُنْتُ لأُِقَرِّبَ لأَِحَدٍ شَيْئًا دُونَ اللهِ عز وجل فَضَرَبُوا عُنُقَهُ،
فَدَخَلَ الْجَنَّةَ» ([1]) رواه أحمد.
****
وأما الوثن فيُطلق على التِّمثال وغيره، حتى
القبر وثن إذا عُبد، قال صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي
وَثنًا يُعْبَدُ» ([2])، فالوثن كل ما عُبد
من دون الله على أي شكل كان.
«لاَ يَجُوزُهُ
أَحَدٌ» أي: يتجاوزه ولا يمرُّ عليه أحد، «حَتَّى يُقَرِّبَ لَهُ شَيْئًا»
يعني: يذبح له تعظيمًا له.
«فَقَالَوا
لأَِحَدِهِمَا: قَرِّبْ، قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ أُقَرِّبُهُ» اعتذر بالعدم، ولم
يقل: إن الذبح لغير الله لا يجوز، أو هذا منكر - والعياذ بالله - وهذا يدلُّ على
أنه لو كان عنده شيء لقربه.
«قَالُوا لَهُ:
قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا» فَقَرَّبَ ذُبَابًا، يعني: ذبحه للصنم، «فَقَرَّبَ
ذُبَابًا فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ» سمحوا له بالمرور، «فَدَخَلَ النَّارَ»
بسبب الشرك، وأنه ذبح لغير الله، والعبرة بالنيِّة والقصد لا بالمذبوح.
والقصد أنه ما استنكر هذا الشيء، ولا تمنع منه، وإنما اعتذر بعدم وجود شيء فلذلك دخل النار - والعياذ بالله -
([1]) أخرجه: البيهقي في «الشعب» رقم (6962)، وابن أبي شيبة رقم (33038).