المشركون، وهذا الغالب على السور المكية، فالسور
المكية غالبها، بل تكاد تكون كلها في التَّوحيد والنَّهي عن الشرك؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التَّوحيد، وينهى عن الشرك،
وينزل عليه القرآن في ذلك، ومن جُملة ما نزل عليه في مكة هذه السورة العظيمة: سورة
الأنعام.
فقوله تعالى: ﴿قُلۡ﴾ هذا أمر من الله جل
وعلا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يُعلن للناس، ليس لناس وقته فقط، بل للناس
جميعًا إلى أن تقوم الساعة، وليس لناس بلده، بل لناس العالم:
﴿إِنَّ صَلَاتِي﴾ الصلاة في الشرع يُراد بها: العبادة المبتدئة بالتكبير المختتمة بالتسليم،
التي تشتمل على عبادات قلبيَّة وقوليَّة وعملية، فالصلاة تشتمل على أنواع العبادة
في القلب: من الخشوع، والخشية، والإقبال على الله سبحانه وتعالى وباللسان: من
التكبير، والتحميد، والثناء على الله، وتلاوة كتابه الكريم، ومناجاة الرب سبحانه
وتعالى، وبالجوارح: من القيام، والرُّكوع، والسجود، والجلوس؛ فالصلاة عبادة عظيمة،
يجتمع فيها ما لا يجتمع في غيرها من أنواع العبادات، ولذلك جعلها الله عمود
الإسلام، وجعلها الركن الثاني من أركان الإسلام.
﴿وَنُسُكِي﴾ النُّسُك المُراد به:
ما يذبح من بهيمة الأنعام على وجه التقرُّب والعبادة، كهَدْي التمتُّع والقِران،
وهَدْي التطوُّع، وهَدْي الجُبران، والأضاحي، والعقيقة، هذه كلها تُسمى نُسُكًا،
فما ذُبح من بهيمة الأنعام على وجه التقرُّب إلى الله - تعالى - بذبحه، فهو
النُّسُك.