﴿وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ﴾ [يونس: 107] الآية.

****

 يعني: أعظم أركان الحج عرفة، فكذلك أعظم أنواع العبادة الدعاء.

ثم قال - سبحانه تعالى -: ﴿فَإِن فَعَلۡتَ فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [يونس: 106] يعني: من المشركين، لأن الشرك أعظم أنواع الظلم، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ﴾ [لقمان: 13]، والظلم في الأصل: وضع الشيء في غير موضعه، والشرك وضع للعبادة في غير مستحقها، فلذلك صار أعظم أنواع الظلم.

وقوله: ﴿وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ﴾ هذا تقرير لإبطال دعاء غير الله، ﴿فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يُرِدۡكَ بِخَيۡرٖ فَلَا رَآدَّ لِفَضۡلِهِۦ﴾ هذا - أيضًا - فيه إبطال دعاء غير الله؛ لأن هذه المدعوات لا تقدر على كشف الضر، ولا تقدر على جلب الخير، وهذا كما في قوله: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا﴾ [الإسراء: 56]، ﴿قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَٰتُ رَحۡمَتِهِۦۚ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ﴾ [الزمر: 38]، وفي قوله - تعالى -: ﴿مَّا يَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةٖ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا يُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾ [فاطر: 2]، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَنْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُروُّكَ إِلَّا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَْقْلاَمُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» ([1]).

---

الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2516)، وأحمد رقم (2669)، وأبو يعلى رقم (2556).