×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

﴿فَإِنْ فَعَلْتَ يعني: دعوت غير الله مما لا ينفعك ولا يضرك، وهذا من باب الافتراض، وإلَّا محال أن النبي صلى الله عليه وسلم سيفعل ذلك، ولكن لو قُذِّر أنه فعله وهو أكرم الخلق، فإنه يكون من الظالمين، فكيف بغيره، إذا دعا غير الله؟ وهذا مثل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [الزمر: 65] يعني: أوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى غيره من الأنبياء السابقين أنه لو قُدِّر أن أحدًا منهم - وحاشاهم دعا غير الله، وأشرك بالله حبط عمله، وصار من الخاسرين ولو كان من الأنبياء، فكيف بغيرهم؟ ولما ذكر الله سبحانه وتعالى إبراهيم وذريته، فقال: ﴿وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ كُلًّا هَدَيۡنَاۚ وَنُوحًا هَدَيۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِۦ دَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَٰرُونَۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ ٨٤  وَزَكَرِيَّا وَيَحۡيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلۡيَاسَۖ كُلّٞ مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ٨  وَإِسۡمَٰعِيلَ وَٱلۡيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطٗاۚ وَكُلّٗا فَضَّلۡنَا عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ ٨٦ [الأنعام: 84- 86]، لما ذكر الله سبحانه وتعالى أنبياءه في هذه الآيات قال: ﴿وَلَوۡ أَشۡرَكُواْ لَحَبِطَ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [الأنعام: 88]، لو أشرك هؤلاء الأنبياء ﴿لَحَبِطَ أي: لبَطَلَ ﴿عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ فدلَّ على أن الشرك مُحبط للأعمال، ولو صدر من خير الخلق، وهم الأنبياء، فكيف إذا صدر ممن هو دونهم؟، إذًا هو يُخرج من المِلَّة، ويُحبط جميع الأعمال، فالدعاء عبادة، بل هو أعظم أنواع العبادة، قال صلى الله عليه وسلم: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ» ([1]» كما قال صلى الله عليه وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» ([2])


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (1479)، والترمذي رقم (2969)، وابن ماجه رقم (3828).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (889)، والنسائي رقم (3016)، وابن ماجه رقم (3015).