وفي رواية:
يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بنِ عَمرٍو، وَالْحَارَثَ بنِ
هِشَامٍ؛ فنزلت: ﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ
شَيۡءٌ﴾ ([1]).
****
قال: «وفي رواية: يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بنِ
أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بنِ عَمرٍو، وَالْحَارَثَ بنِ هِشَامٍ» هذا تفسير لقوله: «اللَّهُمَّ
الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا»، وأن المراد بهم هؤلاء الأشخاص؛ لأنهم من قادة
المشركين يوم أحد مع أبي سفيان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عليهم لمِا
وقع منهم، ولكن الله يعلم من حال هؤلاء وما يؤول إليه أمرهم ما لا يعلمه الرسول
صلى الله عليه وسلم، فإن هؤلاء تاب الله عليهم وأسلموا، وحسُن إسلامهم رضي الله
عنهم. ولما ارتدَّ الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقف سهيل بن عمرو
خطيبًا في أهل مكة يُثبِّتهم على الإسلام، وقال لهم: يا أهل مكة لا تكونوا آخر من
أسلم وأوَّل من ارتد. فثبت أهل مكة على الإسلام، ولم يرتدُّوا بسبب هذا الرجل الذي
جعل الله فيه الخير.
فهذا دليل على أن
الإنسان مهما بلغ من الضلال، ومهما بلغ من الكفر، فإنه لا ييأس من هدايته، لأن
القلوب بيد الله سبحانه وتعالى.
وهذا دليل على أنه
لا يعلم الغيب إلاَّ الله سبحانه وتعالى وأنك لا تحكم على المعينين بالنار إلاَّ
من حكم عليه الله سبحانه وتعالى في القرآن، أو حكم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولهذا من عقيدة أهل السنَّة والجماعة: أنهم لا يشهدون لأحد بجنة ولا نار إلَّا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم يرجون للمحسنين، ويخافون على المسيئين، ولا يجزمون لأحد؛ لأن العواقب بيد الله سبحانه وتعالى
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4070).