لأن الشيطان عنده
قدرة أكبر من قدرة بني آدم، فهو يطير في الهواء، ويصل إلى السحاب، ويسترق السمع،
ويطير بسرعة من الأمكنة البعيدة، فعنده مقدرة ليست عند الإنسي، فالإنسي يخضع
للشيطان، ويتقرب إلى الشيطان بما يحب من الكفر بالله والشرك بالله حتى يخدمه
الشيطان بما يريد من الأمور الغائبة عن بني آدم، قال - تعالى -: ﴿وَيَوۡمَ
يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ
ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا
ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ
أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا
شَآءَ ٱللَّهُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ﴾ [الأنعام: 128]، هذا فيه أن الله سبحانه وتعالى إذا حشر الشياطين يوم
القيامة وحشر الكهان وعملاء الشياطين يوبخهم: ﴿يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم
مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ﴾، يعني: أهلكتم كثيرًا من
الإنس، ﴿وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ﴾، يعني: الكهان والسحرة وكل من يتعامل مع الشياطين ﴿رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ﴾ هم خدمونا ونحن
خدمناهم في الدنيا ﴿وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَا﴾ الآن وقفنا بين
يديك يا ربنا، فيقول: ﴿ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۗ﴾، هذا مآل السحرة
والكهان مع أوليائهم من الشياطين.
وقال - سبحانه -: ﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا ﴾ [الجن: 6] يقولون: نعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه، ﴿فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا ﴾ أي: خوفًا، أما لو أنهم عاذوا بالله لأعاذهم وقوَّاهم، وأذهب ما بهم من الفزع، ولا يضرهم أحد إذا توكلوا على الله وعاذوا بالله، لكن عاذوا بمخلوق فأذلهم الله عز وجل.