«فَيَسْمَعُ
الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الآْخَرُ إِلَى
مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ،
****
وقوله: «فَيَسْمَعُ
الْكَلِمَةَ» أي: يسمع مسترق السَّمع الكلمة مما تكلَّمت به الملائكة مما
تكلَّم الله به من وحيه، فيُلقيها إلى من تحته من الشياطين، والذي تحته يُلقيها
إلى الآخر، واحدًا بعد واحد، حتى يُلقيها الأخير على لسان الساحر أو الكاهن من بني
آدم.
فهذا فيه دليل على
أن السَّحرة والكهان يتلقون عن الشياطين، ففيه إبطال لعمل السَّحرة والكهان، قال
تعالى: ﴿هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَٰطِينُ ٢٢١ تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ ٢٢ يُلۡقُونَ ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَٰذِبُونَ ٢٢﴾ [الشعراء: 221- 223]، هذا خبر من الله سبحانه
وتعالى أنَّ الكهان والسحرة يتلقَّون عن الشياطين، فهذا فيه بُطلان السحر
والكهانة، وأن مصدرهما واحد؛ عن الشياطين الذين هم أكفر الخلق، وأَغَشُّ الخلق
للخلق.
والسحر معروف، وهو:
عمليَّة يعلمها الساحر إما بالعُقَد والنَّفْث ﴿وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّٰثَٰتِ فِي ٱلۡعُقَدِ﴾ [الفلق: 4]، وإما بكلام الكفر
والشرك، فهو عزائم ورُقى شيطانية، وإما بمواد خبيثة تركَّب بعضها مع بعض ثم
يتكوَّن منها السحر، فالسحر عمل شيطاني، والسحر كفر، والساحر كافر، بدليل قوله -
تعالى -: ﴿وَلَٰكِنَّ
ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى
ٱلۡمَلَكَيۡنِ بِبَابِلَ هَٰرُوتَ وَمَٰرُوتَۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ
حَتَّىٰ يَقُولَآ إِنَّمَا نَحۡنُ فِتۡنَةٞ فَلَا تَكۡفُرۡۖ﴾ [البقرة: 102]، فدلَّ على أن الذي
يتعلم السحر يكفر؛ لأن السحر كفر.
وأما الكِهانة
فمعناها: الإخبار عن المغيبات بسبب ما يتلقاه الكاهن عن الشيطان؛ لأن الشيطان يخبر
الكاهن بأمور غائبة عن بني آدم؛