قوله: «فَيُقَالُ:
أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، فَيُصَدَّقُ
بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنَ السَّمَاءِ» هذه الفتنة العظيمة:
لبس الحق بالباطل، لأن الباطل لو كان مكشوفًا واضحًا خالصًا ما قبله أحد، وإنما
يُقبل الباطل إذا لُبِّس معه شيء من الحق، وهذه فتنة عظيمة يجب أن نتنبه لها.
فالحاصل: أن هذا
حديث عظيم، فيه فوائد عظيمة:
الفائدة الأولى: فيه أن السنَّة
النبوية تفسر القرآن، فهذا الحديث فسر هذه الآية: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ
قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ﴾ [سبأ: 23]، ففيه رد على الطائفة الخبيثة التي تريد رفض السنَّة والاقتصار على
القرآن، وإذا اقتصر على القرآن من أين نفسر القرآن؟ القرآن يفسر بأحد أربعة
أمور:
أوَّلاً: يُفَسَّر القرآن
بالقرآن هذا أول درجة.
ثانيًا: إذا لم يكن فيه
تفسير من القرآن يفسر بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثًا: إذا لم يكن فيه
تفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم يفسر بأقوال الصحابة، لأنهم تلاميذ الرسول صلى
الله عليه وسلم، وعنه تعلموا وتلقوا العلم فهم أدرى النَّاس بسنة الرسول صلى الله
عليه وسلم.
رابعًا: إذا لم يكن هناك
تفسير من الصحابة يفسر بمقتضى لغة العرب التي نزل بها، ينظر إلى معنى الكلمة في
لغة العرب ويفسر بلغة العرب التي نزل بها.
أما أن يفسر القرآن بغير هذه الطرق فهذا باطل، إما بالقرآن، وإما بالسنَّة، وإما بقول الصحابي، وإما بلغة العرب التي نزل بها، ولا يفسر القرآن بغير هذه الوجوه.