وقوله: ﴿وَكَم مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيًۡٔا
إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ﴾ [النجم: 26].
****
أعظم آية في كتاب
الله عز وجل، لماذا صارت أعظم آية في كتاب الله؟ لأنها اشتملت على النفي والإثبات:
نفي النقائص عن الله - تعالى - وإثبات الكمال لله عز وجل والشاهد منها قوله: ﴿مَن
ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ﴾ ﴿مَن﴾ نفي، أي: لا أحد، ﴿يَشۡفَعُ
عِندَهُۥ﴾ أي: عند الله - تعالى - ﴿إِلَّا بِإِذۡنِهِۦ﴾ فهو الذي يأذن
للشفعاء أن يشفعوا، وبدون إذنه لا يمكن لأحد أن يشفع أبدًا، لا الأنبياء، ولا
الملائكة، ولا الأولياء، ولا الصالحين، وهذا محل الشاهد؛ أن الشفاعة لا تكون إلاَّ
بإذن الله، ففي هذا رد على المشركين الذين اتخذوا الشفعاء بدون إذنه سبحانه وتعالى
في ذلك، وزعموا أن هؤلاء الشفعاء يقومون بما يريدون منهم عند الله عز وجل ولذلك
صرفوا لهم العبادة، فصاروا يذبحون للقبور، وينذرون لها، ويطوفون بها، ويتبركون
بها، ويتمسحون بترابها، وبجدرانها، يعبدونها من دون الله، لأنهم يقولون: ﴿هَٰٓؤُلَآءِ
شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾ [يونس: 18]، تركوا الله عز وجل وعبدوا غيره، فعملهم هذا حابط
باطل، لأنهم يضعونه في غير محله، وقاسوا الخالق على المخلوق.
ثم ساق رحمه الله
آية النجم: ﴿وَكَم
مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ﴾، كم هنا بمعنى: كثير؛ فهي خبريَّة، أي: كثير من
الملائكة.
﴿فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ﴾ لأن موطن الملائكة: السماوات، ومع كثرتهم ﴿لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ
شَيًۡٔا﴾ هذا نفي، لأن ﴿شَيًۡٔا﴾: نَكِرة في سياق
النفي، أي: لا تغني شيئًا أبدًا إلاَّ بشرطين: ﴿إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ﴾ هذا الشرط الأول. ﴿وَيَرۡضَىٰٓ﴾ هذا الشرط الثاني.