وَإِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ
وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ
مِنِّي» ([1])، هذا غلو نهى عنه
الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمر بالتّوسُّط وعدم الغلو.
ولما لُقطت له عليه
الصلاة والسلام حصى الجمار أمثال حصى الخَذْف - يعني: أكبر من الحِمَّص بقليل -
أخذها صلى الله عليه وسلم في كفِّه وقال: «أَمْثَالَ هَؤُلاَءِ فَارْمُوا،
وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ
الْغُلُوُّ» ([2]).
واليهود والنصارى
غَلَوْا في أنبيائهم، وغَلَوْا في دينهم - أيضًا - غَلَوْا في أنبيائهم؛ حيث قالت
النصارى للمسيح: ابن الله، فرفعوه فوق منزلة البشرية إلى منزلة الربوبية ويسمُّونه
الرب، وأما اليهود فقد غَلَوْا في عُزير، قالوا: هو ابن الله.
وكذلك النصارى غَلَوْا في دينهم فابتدعوا الرهبانية، وهي: التّبتّل والتّعبدّ، ولزوم الصّوامع، وعدم الخروج منها، رهبانية ابتدعوها، كما قال الله تعالى: ﴿وَرَهۡبَانِيَّةً ٱبۡتَدَعُوهَا مَا كَتَبۡنَٰهَا عَلَيۡهِمۡ﴾ [الحديد: 27]، هذا من الغلو في الدين، قال تعالى: ﴿لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ﴾ [المائدة: 77]، وفي الآية الأخرى في سورة النساء يقول: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ فََٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓ أَن يَكُونَ لَهُۥ وَلَدٞۘ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا﴾ [النساء: 171].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4776)، ومسلم رقم (1401).