ولِمُسْلِمٍ عَنْ
جُنْدُبِ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ
أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ وَهُوَ يَقُولُ: «إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ
لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلاً كَمَا
اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً
لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً.
****
ولا يرونه، ولهذا لما دعا النبي صلى الله عليه
وسلم ربه قال: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» ([1]) استجاب الله دعاءه،
فصانه في بيته، ولهذا يقول العلامة ابن القيم:
فَأَجَابَ رَبُّ
الْعَالَمِينَ دُعَاءَهُ *** وَأَحَاطَهُ بِثَلاَثَةِ الْجُدْرَانِ
يعني: صار القبر داخل
الجدران، فلا يُرى أبدًا؛ وذلك صيانة له عن الغلو عليه الصلاة والسلام.
قوله: «ولمسلم عن
جُندب بن عبد الله» هو: جُندب بن عبد الله البَجَلي، رضي الله تعالى عنه.
«قَالَ: سَمِعْتُ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ» يحتمل أن المراد:
خمس سنين، ويحتمل أن المراد: خمس ليال.
«وَهُوَ يَقُولُ:
«إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللهِ»» البراءة معناها: نفي الشيء والابتعاد عنه، كما
يقال: برأ القلم إذا قطعه وأبعد جزءًا منه، فالبُرءُ هو: البُعْدُ والانقطاعُ، فـ «أَبْرَأُ
إِلَى اللهِ» أي: أنفي ذلك وأكرهه.
«أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ» من الصحابة، فليس له من الصحابة خليل، والسبب في ذلك، أن الله اتخذه خليلاً، والخُلَّة لا تقبل
([1]) أخرجه: مالك في «الموطأ» رقم (414).