×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

ولهذا لما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله بأنه نذر أن ينحر إبلاً ببوانة - اسم مكان - فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلَيَّةِ يُعْبَدُ؟» قالوا: لا، قال: «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟» يعني: مكان لاجتماع أهل الجاهلية، قالوا: لا، قال: «فَأْوفِ بِنَذْرِكَ، فَإِنَّهُ لاَ وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلاَ ِفيمَا لاَ يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ» ([1]) والشاهد منه: أنه قال: «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟» يعني: هل هذا المكان الذي خصَّصته هل كان الجاهليون يخصِّصونه؟ فدلَّ على أن تخصيص مكان للعبادة لم يخصصه الله ولا رسوله أنه من أعياد الجاهلية، لا تجوز العبادة فيه أبدًا، ومن ذلك: القبور، فالتردُّدُ عليها، والجلوس عندها من أجل التبرُّك بتربتها، أو من أجل الدعاء عندها، أو الصلاة عندها، كل هذا من اتخاذها عيدًا، وهو وسيلة من وسائل الشرك.

كما هو واقع الآن عند الأضرحة مما لا يخفاكم، وتسمعون عنه في البلاد الأخرى التي بُليت بهذه الفتنة - والعياذ بالله - ولم تجد من دعاة التَّوحيد من يقوم بنصيحة المسلمين عنها والأمر بإزالتها.

نرجو الله أن يهيء للمسلمين من يقوم بإصلاح عقيدتهم، وإزاحة هذه الفتنة العظيمة عنهم، كما منَّ على هذه البلاد - ولله الحمد - بهذه الدعوة المباركة التي أزاحت عنها هذه الأوثان الجاهلية.

نسأل الله أن يثبتنا وإياكم وإخواننا المسلمين على هذا الدين، وأن يتم علينا هذه النعمة، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وإلاَّ فنحن


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3313)، والطبراني في «الكبير » رقم (1341).