وقوله
تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى
ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّٰغُوتِ﴾ [النساء: 51].
****
بشرك؛ لأن هذه الأمة
لا يقع فيها شرك؟ وإنما هو من باب التوسل بالصالحين، أو محبة الصالحين، أو ما أشبه
ذلك من الأعذار الباردة.
وهذه مقالة المشركين
الأولين: ﴿مَا
نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ﴾ [الزمر: 3]، ﴿وَيَعۡبُدُونَ
مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ
هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾ [يونس: 18]، لكن هؤلاء - والعياذ بالله - يقرأون القرآن ولا يفقهون معناه، أو يعرفون
معناه، ويغالطون ويكابرون تبعًا لهواهم.
قال: «وقوله تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ﴾»، هذا استفهام
تقرير، أي: قد رأيت وعلمت يا محمَّد.
﴿ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ﴾ أي: حظًّا من الكتاب فالنصيب: الحظ؛ والمراد بهم
اليهود، لأن الله أعطاهم التوراة التي أنزلها على موسى عليه الصلاة والسلام من عند
الله، فهو كتاب عظيم من عند الله.
وهذا من باب الإنكار
عليهم، لأن المفروض أن الذي أوتي نصيبًا من الكتاب وعلم الحق يجب عليه أن يعمل به:
فكونهم يخالفون الحق - وعندهم الكتاب - هذا دليل على غِلظ كفرهم وعنادهم.
﴿يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ﴾أي: يصدقون بالجبت، وهو
الشرك، أو السحر، أو الساحر، أو الكاهن، أو الشيطان، كل ذلك يسمى جبتًا.
﴿وَٱلطَّٰغُوتِ﴾ في اللغة: مأخوذ من الطغيان، وهو: مجاوزة الحد؛ والمراد
به هنا: ما تجاوز به العبد حدَّه من معبود، أو متبوع، أو مطاع في غير طاعة الله،
كله طاغوت.