ويقول العلامة ابن
القيم: «الطواغيت كثيرون، ورؤوسهم خمسة:
إبليس - لعنه الله -
ومن عُبد وهو راض. ومن دعا النَّاس إلى عبادة نفسه. ومن ادعى شيئًا من علم الغيب.
ومن حكم بغير ما أنزل الله».
﴿وَيَقُولُونَ﴾ أي: يقول هؤلاء اليهود.
﴿لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰٓؤُلَآءِ أَهۡدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ
سَبِيلًا﴾ أي: الكفار أهدى من الذين آمنوا سبيلاً، أي: منهج الكفار أهدى من منهج
المسلمين المتبعين لمحمد صلى الله عليه وسلم. وهذا وهم عندهم الكتاب، ويعرفون الحق
من الباطل!.
وسبب ذلك: أن الرسول
صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة، وبايعه الأنصار من الأوس والخزرج، وصارت
للمسلمين دولة عظيمة في المدينة، اغتاظ اليهود الذين كانوا في المدينة من
المسلمين، وضاقوا بهم ذرعًا، فذهب كعب بن الأشرف وحييُّ بن أخطب إلى المشركين في
مكة يستنجدونهم على قتال الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانتهز المشركون
الفرصة وقالوا: أنتم أهل كتاب، تعرفون الحق من الباطل، بينوا لنا أنحن أهدى أم
محمَّد؟، فقالوا: وما أنتم وما محمَّد؟ يعني: بينوا لنا صفتكم وصفة محمَّد -،
قالوا: محمَّد صنبور مبتور، قطّع أرحامنا وسب آلهتنا. ونحن نذبح الكوم، ونطعم
الحجيج، ونسقي الحجيج، ونفك العاني، ونصل الأرحام. يصفون أنفسهم بهذه الصفات.
ومحمد قطع أرحامنا، وتبعه سراق الحجيج من غفار.