ولكن هذا المذهب مرجوح؛ لأنه لا يمكن السحر
إلاَّ بالتعاون مع الشياطين، والخضوع لهم، وحينئذ يكون كافرًا.
الفائدة الثانية: في الحديث دليل على
وجوب قتل الساحر قتل ردَّة؛ لأنه صحَّ عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:
عمر وحفصة وجُنْدب، ولم يظهر لهم مخالف من الصحابة، فدلَّ على وجوب قتله؛ لأنَّه
مرتدٌّ، والمرتدُّ يجب قتله لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ
فَاقْتُلُوهُ» ([1])، وقوله صلى الله
عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ دَمُ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ
الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ
لِلْجَمَاعَةِ» ([2])فالساحر من هذا
القسم الأخير التارك لدينه المفارق لجماعة المسلمين، فيجب قتله.
الفائدة الثالثة: في هذه الآثار دليل
على أنه يُقتل ولا يُستتاب؛ لأنه لم يذكر في هذه الآثار أن الصحابة استتابوه،
وإنما فيها أنهم قتلوه، ولم يُذكر أنهم استتابوه.
وأيضًا إذا تاب في
الظاهر فعلم السحر لا يزول من قلبه، فهو وإن أظهر التوبة فإنه يُقتل في كل حال؛
لأن التوبة لا تزيل السحر من قلبه بعدما تعلَّمه، ومن أجل دفع فساده؛ لأنَّه قد
يُظهر التوبة وهو غير صادق، بل من أجل أن يتَّقي القتل.
قال الشارح: «هذا قول الإمام مالك، ورواية عن الإمام أحمد».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2854).