×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

 استراق السمع من السماء، ثمَّ يُخبرون بما يسمعون من يخضع لهم من الإنس، ثمَّ هذا الإنسي يأخذ الكلمة التي سُمعت من السماء، ويكذب معها مائة كذبة، من أجل أن يلبِّس على النَّاس.

ولا تُخبره الشياطين إلَّا إذا أطاعهم، وكفر بالله سبحانه وتعالى وأشرك بالله، ونفَّذ ما تمليه عليه الشياطين من الكفر والشرك، وإلاَّ فالشياطين لا تطيع المؤمن الموحِّد؛ لأنه لا يطيعها، وإنما تطيع من يأتي على رغبتهم في الكفر بالله والشرك بالله.

وكانت الكِهَانة سوقًا رائجة عند العرب في الجاهلية، وكان الكُهَّان لهم شأن عند العرب، كل قبيلة لها كاهن يتحاكمون إليه، وكانت الشياطين تسترق السمع، وتُخبر به هؤلاء الكُهَّان، فلما أراد الله بعثة نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم حُرست السماء بالشُّهب، ومنعوا من استراق السمع، كما قال - تعالى - حكاية عن الجن في أول سورة الجن: ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقۡعُدُ مِنۡهَا مَقَٰعِدَ لِلسَّمۡعِۖ فَمَن يَسۡتَمِعِ ٱلۡأٓنَ يَجِدۡ لَهُۥ شِهَابٗا رَّصَدٗا [الجن: 9].

فلما بعث الله نبيّه محمّدًا صلى الله عليه وسلم قَلَّت الكِهانة عمَّا كانت عليه في الجاهلية؛ وذلك لظهور الإسلام، ومعرفة الحق من الباطل، لكن لهم وجود مستمرٌّ إلى يومنا هذا.

وكلما فشا الجهل في الأمة ظهر الكُهَّان، وكلما كثر العلم والتمسك بالدين والعقيدة الصحيحة قلَّ الكُهَّان، أو انقرضوا.

فالجهات التي فيها توحيد، وفيها إسلام صحيح، لا يوجد فيها كُهَّان، وإن وُجدوا فإنهم لا يظهرون، ولا يُعرفون إلاَّ نادرًا.


الشرح