وتعلُّم العلم على
نوعين:
النَّوعِ الأَوَّلِ: فرضٌ على الأَعْيان
لا يُعذَر أَحَدٌ بتركه، وهو تعلُّم ما يستقيم به دِينُه، وتصلُح به عقيدتُه
وصلاتُه وزكاتُه وصيامُه وحجُّه وعمرتُه، فتعلُّم هذه الأُمور واجبٌ على كلِّ شخصٍ
بعينه.
النَّوعِ الثَّاني: ما زاد عمَّا
ذُكِر كأَحْكام المُعاملات والمواريثِ والأَنْكِحةِ والقضاءِ، فهذا تعلُّمه واجبٌ
على الكِفاية إذا قام به من يكفي، سَقَط الإِثْمُ عن الباقين وإِنْ تَرَكه الكُلُّ
أَثِمُوا، وتعلُّم العلم بنوعيه العَينِيِّ والكِفائيِّ إِنَّما يُتلقَّى عن
العلماءِ الثَّقاةِ الذين حملوه بأَمانةٍ، قال صلى الله عليه وسلم: «يَحْمِلُ
هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلْفٍ عُدُولُهُ» ([1])، وقال صلى الله
عليه وسلم: «العُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَْنْبِيَاءِ» ([2]) فكما أَنِّ العلم
يُتلقَّى عن الأَنْبياء حال وجودهم في النَّاس فكذلك يُتلقَّى عن خُلَفائهم
وَوَرَثَتِهم بعد موتهم وهُمُ العلماءُ ولا تخلو الأَرْض - ولله الحمد - في كلِّ
وقْتٍ من قائمٍ منهم لله بحُجَّةٍ.
فيجب على المسلمين أَنْ يتلقَّوا العلم عنهم ويعملوا بتوجيهاتهم -لكنَّنا في هذه السَّنواتِ الأَخِيرةِ مع الأَسَف الشَّديدِ - نرى كثيرًا ممَّن يرغبون في العلم خُصوصًا الشَّبابَ قد عدلوا في هذه الطريقةِ فعدلوا عن تلقِّي العلم عن العلماءِ الثِّقاةِ إلى تلقِّي العلم إمَّا عن أُناسٍ جُهَّالٍ لا يعرفون مدارك الأَحْكام ومناط الحلالِ والحرامِ وإمَّا عن أُناسٍ غيرِ معروفين بالثِّقةِ والأَصالةِ في العقيدة الصَّحيحةِ.
([1])أخرجه: البيهقي رقم (20911).