×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

الإمامُ أَحْمَدُ سافر إلى الحِجَازِ وإلى الْيَمَنِ وإلى غيرِها من الأَقْطار، وهذا الإمامُ البُخَارِيُّ سافر الأَسْفار الطَّويلةَ لرواية الحديث، وهذا الإمامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ سافر من نَجَدٍ إلى الْحِجَازِ وإلى الإِحْسِاءِ وإلى البَصَرَةِ؛ للأَخْذ عن العلماء وهذا وهذا وأَخْبارهم في ذلك طويلةٌ، فلو كانت الكُتُبُ تكفي كان بإمكانهم الحُصولُ على نُسَخٍ منها ولم يتكلَّفوا عَنَاءَ الأَسْفار في وقتٍ لم تكن سيَّارةٌ ولا طائرةٌ.

وخُلاصةُ القول: إِنَّ الكُتُبَ إِنَّما هي أَداةٌ فقط لا تُغني عن المُعلِّم.

وهناك صِنْفٌ من مُتعلِّمي زماننا ظَهَرَ أَخِيرًا يقول للمُبتدئين: لا ترجعوا إلى الكُتُبِ، ولا تُراجعوا العلماء، بل اقْرأُوا القرآنَ والأَحاديثَ واسْتنبطُوا الأَحْكامَ من نُصُوصِهما. يقولون هذا وأَغْلَبُهم قد لا يُحسِن قراءة الآية من القرآن على الوجه الصَّحيحِ فضلاً عن معرفة معناها.

هذا الصِّنْفُ أَخْطَرُ من الذي قبْلَه؛ لأَنَّه لا يعرف قواعدَ الاستدلال، ومعلومٌ أَنَّ النُّصوص فيها المُحْكَمُ وفيها المُتشابهُ وفيها المُجْمَلُ والمُبيَّنُ وفيها الخاصُّ والعامُّ، وفيها المُطلَقُ والمُقيَّدُ، والأحاديثُ فيها الصَّحيحُ والحَسَنُ والضَّعيفُ والموضوعُ، وعلاوةً على ذلك فإِنَّ هناك أَدِلَّةً غيرَ هذَين الأَصْلَينِ، فهناك الإِجْماعُ والقِياسُ، وهناك الأَدِلَّةُ المُخْتلَفُ فيها عند الأُصُوليِّين.

وهذه المداركُ لاستنباط الأَحْكام لا يعرفها إلاَّ الرَّاسخون في العلم لا كلُّ العلماء، فكيف بهؤلاء المُبتدئين يسطون على النُّصوص ويهجمون على الأَحْكام من غير بصيرةٍ! إِنَّه يجب الأَخْذُ على أَيْديهم لئلا يُهلكوا أَنْفُسَهم ويُهلكوا غيرَهم وليس لهم من حُجَّةٍ يُبَرِّرُون بها صَنِيعَهُمْ هذا إلاَّ 


الشرح