8- وأَخِيرًا؛ يتناقض الكاتب مع
نفسه، فيقول: «لماذا لا نعمل منطقًا نُجابِه به الذين يُلْحِدون باللهِ وبأسمائِه
وصِفاتِه بهوى منطقهم المُتهافِتِ؟ لماذا لا نتعلَّم أَسَاليبَ الجَدَل؛ لنكون
مُؤَهِّلين حقيقةً للدِّفاع عن هذا الدِّينِ القَيِّمِ؟ لماذا لا ندرس آيات
الإعْجازِ العِلْميِّ والتَّشْريعِيِّ في القرآنِ الكريمِ؟».
فالكاتب اعترف بما
نفاه في أَوَّل كلامه، وذلك من وجهين:
أ- اعترف أَنَّنا
أَمام مَنْ يُلْحِدون في أسماء الله وصفاتِه من المُعْتزلةِ والأَشَاعِرةِ
وتلاميذِهم، وأَنَّهم لم ينقرضوا كما قال سابقًا.
ولكنَّه يدعوا إلى
مواجهتهم والرَّدِّ عليهم بمنطق الرُّومان وأَسَاليب اليُونان؛ بدلاً من منهج
السُّنَّةِ والقرآنِ، وبدلاً من رُدُود السَّلَف!! فهذه بزعمه كُتُبٌ كُتِبتْ
بلُغةٍ لا تُفهَم، والمنطقُ وعلمُ الجَدَل أَحْسنُ منها!!
يا للتَّناقض
العجيبِ !! أَلَمْ يكن أَساسُ البلاءِ والوُقوعِ في الضَّلال في مسائل العقيدةِ هو
ترْكُ منهج الكتاب والسُّنَّة، والاعتمادُ على المنطق والجَدَل في علم العقيدة؟ !
وإِذَا كنت في شكٍّ
من ذلك؛ فراجِعْ كُتُبَ: «نقْض المنطق» لشيخِ الإِسْلام ابْنِ تَيْمِيَّةَ، و«بيان
تَلْبِيس الجَهْميَّة» الذي هو «نقْض التَّأْسِيس»، و«درْء تعارُض العقْل
والنَّقْل»؛ فقد بَيَّن رحمه الله في هذه الكُتُبِ وغيرِها ما جرَّه الاعتماد على
منهج أَهْل المنطقِ والجَدَلِ من ضلالٍ في العقيدة، وكذا ما كَتَبه غيرُه في هذا
الموضوع.
ب- قولُه: «لماذا
لا ندرِّس آيات الإِعْجازِ العِلْميِّ والتَّشْريعيِّ في القرآن»، معناه:
اعترافُه أَنَّنا بحاجة إلى دراسة التَّفْسير، لكنْ لا من مصادره الأَصْليَّةِ
التي ألَّفها علماءُ التَّفْسير المُتقدِّمون !! وإِنَّما من التَّفْسير العصريِّ
المبْنيِّ على النَّظَريَّاتِ الحديثَةِ التي هي عُرْضةٌ للتَّغيُّر