17- ثُمَّ يُواصل فضيلة الشَّيخ دِفاعَه المُستميتَ عن الذين يُؤَوِّلون الصِّفات، فيقول: «ويقولون في حديث النُّزُول: «يَنْزِلُ اللهُ فِي الثُّلُثِ الأَْخِيرِ مِنَ اللَّيلِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» ([1]): إِنَّ المرادَ به تنزيلُ رحْمته؛ إِذًا كيف ينزل ربُّنا في الثُّلُث الأَخِير من اللَّيل إِلَى السَّماء الدُّنْيا، وفي كلِّ ساعةٍ من ساعات اللَّيلِ والنَّهارِ ثُلُثٌ أَخِيرٌ في بعض البلاد، فالوقْت الذي يكون عندنا بمَكَّةَ مثلاً صلاةُ المغْرب يكون في إِنْدُونِسِيَا الثُّلُثَ الأَخِيرَ من اللَّيل، وفي الوقت الذي يكون آخِرُ اللَّيل بمَكَّةَ يكون عند غيرنا وقْتَ الضُّحَى أَوِ الظُّهُرِ»... إِلَى آخِر ما قال.
والجواب: عن ذلك
أَنْ نقول:
أَوَّلاً: ألفاظُ الحديث تنفي
نِسْبة النُّزُول إلى غير الله؛ بأَنْ يُقال: تنزل رحمتُه، حيث جاء في حديث
النُّزُول أَنَّه يقول سبحانه: «أَنَا الْمَلِكُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي
فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ مِن سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟» ([2])؛ هلْ رحْمتُه تقول:
أَنَا المَلِكُُ؟ !
هلْ رحْمتُه تقول: «مَن
يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ مِن سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ» ([3])؟ !
هَلْ رحْمتُه تقول: «أَنَا
المَلِكُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي...؟» إلخ!
ثانيًا: وأَمَّا الاعتراض بأَنَّ ثُلُثَ اللَّيل يختلف باختلاف البلاد؛ فيُجاب عنه بأَنَّ هذا الاعتراضَ صادرٌ عن عدم تصوُّره لعَظَمة الله
([1])أخرجه: البخاري رقم (1145)، ومسلم رقم (758).