×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

والجواب: إِنَّ لفْظ الجِسْم والتَّركيبَ والأعْضاءَ والحواسَ لم يَرِدْ في كتاب الله وسُنَّةِ رَسُوله نفْيَه ولا إِثْباتَه، ونحن نُثْبِت ما أَثْبَتَه الله لنفسه، وننْفي ما نفى عن نفسه، ونُمْسِك عمَّا عدا ذلك.

أَمَّا الوجهُ واليدان والعينان والسَّاقُ والأَصَابعُ والنُّزولُ؛ فهذه قد أَثْبَتَها الله لنفسه، وأَثْبَتَها له رَسُوله صلى الله عليه وسلم فنحن نُثْبِتها كما جاءتْْْ.

وأَمَّا قولك: «ويقولون في تقرير هذه الصِّفات: إِنَّ الله يجلس كما يجلس الواحد على السَّرير، وينزل كما ينزل أَحَدُنا الدُّرَج»؛ فهذا من باب التَّشويهِ والإرْجافِ والتَّنفيرِ، وإِلاَّ كان الواجب عليك - إذا كان هذا واقعًا - أَنْ تُبيِّن: من هو قائله؟ وفي أَيِّ مدرسةٍ أَوْ جامعةٍ؟ أَوْ في أَيِّ كتابٍ قاله؟ حتَّى يُمكِن مُناقشتَه وإِيقَافَه عند حدِّه.

وما ذكرْتَه من أَنَّهم يقولون عن الاستواءِ والنُّزولِ: إِنَّه جُلوسٌ حِسِّيٌّ ونزولٌ حِسِّيٌّ؛ فالصَّواب أَنْ يُقال: استواءٌ حقيقيٌّ ونُزولٌ حقيقيٌّ. هذا تعبير أَهْل السُّنَّةِ والجماعةِ، وهو على ما يليق بالله عز وجل، وليس من معاني الاستواء الجُلُوس عندهم؛ فإِنَّ معاني الاستواء عندهم هي: العُلُوُّ، والاستقرارُ، والارْتفاعُ، والصُّعود؛ قال العلاَّمةُ ابنُ القَيِّمِ في النُّونيَّة مُبيِّنًا معاني الاستواء عند السَّلَف:

وَلَهُمْ عِبَارَاتٌ عَلَيهَا أَربَعُ *** قَدْ حَصَلَتْ لِلْفَارِسِ الطَّعَّانِ

وَهِيَ اسْتَقَرَّ وَقَدْ عَلاَ وَكَذَلِكَ ارْ *** تَفَعَ الَّذِي مَا فِيهِ مِنْ نُكْرَانِ

وَكَذَاكَ قَدْ صَعَدَ الَّذِي هُوَ رَابعٌ *** وَأَبُو عُبَيدَةَ صَاحِبُ الشَّيْبَانِي

يَخْتَارُ هَذَا الْقَوْلَ فِي تَفْسِيرِهِ *** أَدْرَى مِنَ الْجَهْمِيِّ بِالْقُرْآنِ

ثُمَّ قال فضيلةُ الشَّيخ الصَّابوني: «بل لم يكن يتلَّفظ الواحد منهم - يعني: السَّلَفَ - بمعنى الاستواء، حتَّى لا يَتَوَهَّمُ السَّامعُ التَّشْبِيهَ؛ كما


الشرح