ذلك ممَّا كان يعيش
عليه كثيرٌ من المسلمين في ذلك الحين، لو أَنَّ الوهَّابيِّين فعلوا هذا؛ لكان ذلك
تمهيدًا طيِّبًا ومقدِّمةً ناجحةً لِمَا تنطوي عليه دعوتهم من تحرير العقْل
الإِسْلاميِّ وتحريرِ العقيدةِ الإِسْلاميَّةِ ممَّا غَشِيَها من جهْلٍ وضلالٍ».
هكذا يرى الأُسْتاذ
طريقةَ الدَّعْوة النَّاجحةِ أَنْ يترقَّى بها من الأَدْنى إِلَى الأَعْلى، بحيث
يبدأُ بإِنْكار البِدَع أَوَّلاً، ثُمَّ بإِنْكار الشِّرْك.
ولنا على ذلك
ملاحظتان:
الأُولى: عدَّه التَّمائمَ
من البِدَع، مع أَنَّها قد تكون شِرْكًا إِذَا اعْتقد معلِّقُها أَنَّها تدفع
الشَّرَّ بذاتها، وكذا إِذَا كان فيها أَلْفاظٌ شِرْكيَّةٌ؛ قال صلى الله عليه
وسلم: «إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ» ([1]).
الثَّانيَّة: أَنَّ هذه
الطَّريقةَ التي وصفَها للدَّعْوة مخالفةٌ لطريقة الرَّسول صلى الله عليه وسلم
فالرَّسول أَوَّلُ ما بدَأَ بإِنْكار الشِّرْك، فلبث في مَكَّةَ ثلاثَ عشرةَ سنةً
يدعو إِلَى التَّوحيد وإِنْكارِ الشِّرْك قبلَ أَنْ يأْمُر بالصَّلاةِ والزَّكاةِ
والصِّيامِ والحجِّ، والنَّهْيِ عن البِدَعِ إِنَّما يكون بعد صلاح العقيدة، بحيث
يبْدَأُ بالأَهَمِّ فالمُهِمِّ، بل هذه طريقة جميع الرُّسُل صلواتُ الله وسلامُه
عليهم أجمعين، كلِّ نبيِّ أَوَّلَ ما يبْدَأُ قومَه بقوله: ﴿يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ
ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ﴾ [الأعراف: 59].
10- يتكلَّم الأُسْتاذ عن الاستعانة بالمخلوق فيقول في (ص101- 102): «إِنَّ الإِنْسانَ الذي يُؤمن بالله ويضمُّ قلْبَه على توحيده لا يخلو أبدًا في حالاتٍ مختلفةٍ من أَنْ ينظر من غير قصدٍ إِلَى غير الله فيما يطْرُقُه من أَحْداث ذلك في الوقت الذي لا يخلى فيه قلْبُه
([1])أخرجه: أبو داود رقم (3883)، وابن ماجه رقم (3530)، وأحمد رقم (3615).