مذهب السَّلَفِ الصَّالحِ من الصَّحابةِ
والتَّابعين وأَتْباعِهم، فكان الواجبُ أَنْ يُقال: الدَّعْوة السَّلفيَّة لأَنَّ
القائم بها لم يبتدع فيها ما يُنسَب إِلَيه كما ابتدع دُعاةُ النِّحْل الضَّالَّةِ
من الإِسْماعيليَّة والقرمطيَّةِ، إِذْ هذه النِّحْلُ الضَّالَّةُ لو سُمِّيتْ
سلَفيَّةً؛ لأَبَى النَّاس والتَّاريخُ في هذه التَّسْميةِ؛ لأَنَّها خارجةٌ عن
مذهب السَّلَف، ابتدعها من قام بها.
فالنِّسْبةُ
الصَّحيحةُ لفظًا ومعنًى لدعوة الشَّيْخ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ أَنْ
يُقال الدَّعْوة المُحَمَّدِيَّةُ، أَوِ الدَّعْوةُ السَّلَفيَّةُ.
لكنْ؛ لمَّا كانت
هذه النِّسْبةُ تغيظ الأَعْداءَ؛ حرَّفوها ولذلك لم تكن الوَهَّابيَّةُ معروفةً
عند أَتْباع الشَّيْخ، وإِنَّما يَنْبُزُهُم بها خصومُهم بل ينبُزُون بها كلَّ من
دان بمذهب السَّلَف، حتَّى ولو كان في الهندِ أَوْ مِصْرَ وإِفْريقيَّة وغيرِها
والخصوم يريدون بهذا اللَّقَبِ عزْلَ الدَّعْوة عن المنْهجِ السَّليمِ، فقد
أَخْرجوها من المذاهبِ الأَرْبعةِ، وعدُّوها مذهبًا خامسًا ﴿كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ﴾ [البقرة: 109].
2- قال الأُسْتاذ في
(ص: 12): «فالحرب التي دارتْ بين عَلِيٍّ ومُعَاوِيَةَ قد اخْتلط فيها الرَّأْيُ
بالهوى، والدِّينُ بالسِّياسة».
هكذا قال سامَحَه الله، مع أَنَّ مِن أُصول أَهْل السُّنَّة والجماعةِ سلامةُ قلوبِهم وأَلْسنتِهم لأَصْحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدمُ الخوضِ فيما شجَر بينهم؛ لأَنَّهم في ذلك معذورون؛ إِمَّا مجتهدون مُصِيبون، وإِمَّا مجتهدون مُخْطِئون، إِنْ أَصَابوا فلهم أَجْران، وإِنْ أَخْطؤوا فلهم أَجْرٌ واحدٌ، والخطأُ مغفورٌ.