فيا عجبًا! كيف يحمل الدَّكْتور المَسؤُوليَّة
على الشُّرَّاح، مع أَنَّ الكلام المشروحَ خبَرٌ عن المُستقبل المغيَّبِ، سواءٌ
فسَّر بهاتيْنِ الواقعتَيْن أَوْ غيرِهما؟!
فهل إِذَا أَصَاب
الشُّرَّاحُ في حمل الخبَر على مَحْمَلِه لا يكون من الإِخْبار بالغيب؟!
ثُمَّ يُوالي
الدَّكْتور مدافعته عن الكتاب، فيقول: «وليس هذا الذي يقوله الإِمَامُ عَلِيٌّ رضي
الله عنه ادِّعاءَ علْمِ الغيب» ويستشهد بما ذُكِر في «نَهْج البلاغة» منسوبًا
إِلَى عَلِيٍّ أَنَّه قال: «ليس هو بعلْم غيبٍ، وإِنَّما هو تعلَّم من ذي علْم،
وإِنَّما علْم الغيب علْمُ السَّاعة، وما عدَّده الله بقوله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ
عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا
تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرُۢ﴾ [لقمان: 34] الآية،
فهذا علْم الغيب الذي لا يعلم أَحَدٌ إلاَّ الله، وما سوى ذلك؛ فعلمٌ علَّمه الله
نبيَّه، فعلَّمنيه، ودعا لي بأَنْ يَعِيهِ صدْري، وتَضْطَمُّ عليه جوانحي».
فهذا السِّياق الذي
سَاقَه الدَّكْتور يقتضي أَنَّ ما سوى الخمس المذكورةِ في الآية من المغيَّبات
كلَّه قد علَّمه الرَّسول صلى الله عليه وسلم لعَلِيٍّ.
والقضيةُ الأُولى: يرُدُّها قولُه
تعالى: ﴿قُل
لَّآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ﴾ [الأنعام: 50]،
وقولُه: ﴿وَلَوۡ
كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ لَٱسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَيۡرِ وَمَا مَسَّنِيَ
ٱلسُّوٓءُۚ﴾ [الأعراف: 188].
وهذا لا ينافي أَنْ
يُطْلِعَه الله على بعض الأَشْياء كما يشاء سُبْحانه، وإِنَّما الكلام في العموم
لِمَا عدا الخَمْس؛ هل صحَّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّه يُعلِّمه؟.