ولا عجب؛ فقد بلغ من
إِعْجاب الدَّكْتور بهذا الكتاب أَنْ ينقل عن شارحه ابنِ أَبِي الحَدِيدِ تشبيهَه
بالقرآنِ الكريمِ، فيُمْضِيه ولا يعْتَرِضُ عليه، وذلك في قول ابنِ أَبِي
الحَدِيدِ: «وأَنْتَ إِذَا تَأَمَّلْتَ «نَهْج البلاغة»؛ وجدْتَه كلَّه ماءً
واحدًا، نفسًا واحدًا، وَأُسْلوبًا واحدًا؛ كالجِسْمِ البسيطِ...».
إِلَى أَنْ قال: «وكالقرآنِ
العزيزِ، أَوَّلُه كَأَوْسَطِه، وَأَوْسَطُه كَآخِره، وَكُلُّ سُورةٍ منه وكُلُّ
آيةٍ مُمَاثِلةٌ في المَأْخَذ والمَذْهَبِ، والطَّريقِ والنَّظْم لباقي السُّوَر».
وليس عجيبًا من
ابْنِ أَبِي الحَدِيدِ مَنَحَ «نَهْج البلاغة» هذا الوَصْفَ، وسخاؤه به؛ لأَنَّه
شِيْعِيٌّ، والشِّيْعةُ يقولون: إِنَّ كلام عَلِيٍّ فوق كلامِ المخلوق، ودون كلام
الخالق
فجعلوا كلامَه فوق
كلام الرُّسُل صَلَوَاتُ الله وسَلاَمَه عَلَيهِمْ أَجْمَعِينَ.
وأَخِيرًا؛ نتمنَّى مِن
الدَّكْتور الحلو وهو المعروف بخِبْرَتِه الوَاسعةِ في التُّراث وتحقيقِه: أَنْ
يصرف مثْل هذا المجهود في تحقيق مراجع الإِسْلام وتُراثِه القَيِّمِ؛ ليكون عمله
مثمرًا ونافعًا، ويستحقُّ منا التَّقْدير والدَّعاءَ ورَجاءَ الأَجْر والمثوبةَ.
وأَنَا لا أَدَّعي
أَنَّني أَتيْتُ على جميع ما في بحثه من ملاحظاتٍ، ولكنِّي اقْتصرْتُ على ما هو
الأَهَمُّ في نظري ممَّا له مساسٌ بعقيدتنا ودينِنا.
ونَسْأَلُ اللهَ
لَنَا جميعًا التَّوفيقَ والهدايةَ.
وصلَّى الله على نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وآلِه وصَحْبِه أَجْمَعِينَ.
*****
الصفحة 17 / 427