×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

 والجواب: نقول له: ليس الأَمْر كما ذكرْتَ، فليس ظاهرها يدلُّ على مشابهة صفات المخلوقين، وإِنَّما هذا وَهَمٌ توهَّمته أَنْتَ وتوهَّمه غيرُك من بعض الخَلَف، وليس هو ظاهرها؛ لأَنَّ ظاهرها هو ما يليق بجلال الله، وصفات الخالق تختصُّ به، وصفات المخلوق تختصُّ به.

ثُمَّ قال: «والمَحْملُ الثَّاني: حمْلُها على المعنى المجازيِّ، بأَنْ يُفسَّر الاسْتِواءُ بالاستيلاءِ، والتَّسلُّطِ واليدُ بالقُوَّة...». انتهى كلامه.

والجواب: أَنْ نقول له: لا يجوز حمل صفات الله عز وجل على المعنى المجازيِّ؛ لأَنَّ هذا تعطيلٌ لها عن مدلولها، بل يجب حمْلُها على المعنى الحقيقيِّ اللاَّئقِ بالله؛ لأَنَّ الأَصْلَ في الكلام الحقيقةُ، ولا سيَّما كلام الله عز وجل ولا سيَّما ما يتعلَّق به وبأَسْمائِه وصفاتِه، ولا يجوز حمْلُ الكلام على المجاز؛ إلاَّ عند تعذُّر حمْلِه على الحقيقة، وهذا ما لم يحصل في نصوص الصِّفات، فليس هناك ما يُوجِب حمْلَها على المجاز.

وكتسويغٍ منه لهذا الباطل الذي ذَكَره نَسَبَ إِلَى بعض السَّلَف تأْوِيلَ بعض الصِّفات، فنَسَبَ إِلَى الإِمَامِ أَحْمَدَ تأْوِيلَ: ﴿وَجَآءَ رَبُّكَ [الفجر: 22] ؛ بمعنى: جاء أَمْرُ ربِّك، ونَسَبَ إِلَى البُخارِيِّ تَأْوِيلَ الضَّحْك بالرَّحْمة، ونَسَبَ إِلَى الإِمَامِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ تَأْوِيلَ نُزولِ الله إِلَى السَّماء الدُّنْيا بإِقْبِالِه جل جلاله إِلَى عباده.

والجواب أن نقول:

أَوَّلاً: ما نَسَبَه إِلَى الإِمَامِ أَحْمَدَ لم يثبتْ عنه، ولم يُوثِّقه من كتُبه أَوْ كتُبِ أَصْحابه، وذِكْر البيهقيِّ لذلك لا يُعتمَد؛ لأَنَّ البيهقيَّ رحمه الله عنده شيءٌ من تَأْوِيل الصِّفات، فلا يوثق بنقله في هذا الباب؛


الشرح