لأَنَّه رُبَّما يتساهل في النَّقل، والثَّابت
المستيقنُ عن الإِمَامِ أَحْمَدَ إِثْبات الصِّفات على حقيقتها، وعدمُ تأْوِيلِها،
فلا يُتْرَك المعروفُ المُتيقَّنُ عنه لشيءٍ مظنونٍ، ونقلٍ لم يثبتْ عنه، وله رحمه
الله رَدٌّ على الجهميَّةِ والزَّنادقةِ في هذا الباب مشهورٌ ومطبوعٌ ومتداولٌ.
ثانيًا: وما نَسَبَه إِلَى
البُخاريِّ غيرُ صحيحٍ؛ فقد راجعْتُ «صحيحَ البُخاريِّ»، فوجدْتُه قد ذَكَر الحديث
الذي أَشَار إِلَيه الدَّكْتور تحت ترجمة: ﴿وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ﴾ [الحشر: 9]، ولم
يذْكُر تأْوِيلَ الضَّحك بالرَّحْمَة، وإِنَّما الذي أَوَّلَه بالرِّضا هو
الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ في «الفتح»، والحافظ رحمه الله مُتأَثِّرٌ بمذهب
الأَشَاعرة، فلا عِبْرةَ بقوله في هذا.
ثالثًا: ما نَسَبَه إِلَى
حَمَّادَ بْنِ زَيْدٍ من تَأْوِيلِ النُّزول بالإِقْبال يُجاب عنه من وجهين:
الوجْهِ الأَوَّلِ: أَنَّ هذا لم يثبتْ
عنه؛ لأَنَّه من رواية البيهقيِّ، والبيهقيُّ رحمه الله يتأَوَّل بعض الصِّفات،
فرُبَّما تساهل في النَّقل، ولو ثَبَتَ عن حَمَّادَ هذا التَّأْوِيلِ، فهو مردودٌ
بما أَجْمَع عليه السَّلَف مِن إِثْباتِ النُّزول على حقيقته.
الوجهِ الثَّاني: أَنَّه لا تنافي
بين إِثْبات النُّزول على حقيقته وإِقْبالِ الله تعالى على عباده، فيُقال: ينزل
ويقبل على عباده، ليس في هذا حمْلٌ على المجاز كما يظُنُّ الدَّكْتور.
3- نَسَبَ إِلَى
شيخ الإِسْلام ابْنِ تَيْمِيَّةَ وغيرِه: أَنَّهم قد يُفسِّرون الوجْهَ
بالجِهة، أَوِ القِبْلةِ أَوِ الذَّاتِ، وظنَّ أَنَّ هذا تأْوِيلٌ للوجه الذي هو
صفةٌ من صفات الله عز وجل الذَّاتيَّةِ.