×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

 وهذا الظَّنُّ منه خطأٌ واضحٌ، فهؤلاء الأَئِمَّةُ لم يقصدوا ما توهَّمه؛ لأَنَّ الوجْهَ لفظٌ مشتركٌ؛ تارةً يُراد به الوجْهُ الذي هو الصِّفةُ الذَّاتيةُ، وتارةً يُراد به الدِّينُ والقصْدُ، وتارةً يُراد به الجِهةُ والوِجْهةُ، وسياق الكلام هو الذي يُحدِّد المقصود في كلِّ مكانٍ بحَسَبه، فإِذَا فُسِّر الوجْهُ في موضعٍ بأحد هذه المعاني لدليلٍ اقْتضى ذلك من دلالة السِّياق أَوْ غيرِه؛ صحَّ ذلك، ولم يكن تأْوِيلاً، بل هو تفْسيرٌ لذلك النَّصِّ، وبيانٌ للمراد به.

وبما ذكرْنا يتبيَّن أَنَّ ما ذكره الدَّكْتور من جواز حمْل آيات الصِّفات وأَحَاديثِها على المعنى المجازيِّ وصرفِها عن ظاهرها؛ أَنَّه قولٌ غيرُ صحيحٍ، وأَنَّه لا مُسْتنَدٌ له فيما ذَكَره عن بعض السَّلَف، إِمَّا لأَنَّه لم يصحَّ عنهم، أَوْ لأَنَّهم لم يقصدوا ما توهَّمه.

4- اعتمد على تأْوِيلات الخَطَّابِيِّ لبعض الصِّفات، وأَشَادَ به، ومَدَحَه من أَجْل ذلك.

والجواب عن ذلك: أَنَّ الخَطَّابِيَ رحمه الله ممَّن يتأَوَّلون الصِّفات، فلا اعْتبارَ بقولِه، ولا حُجَّةَ برَأْيِه في هذا، وله تأْوِيلاتٌ كثيرةٌ، والله يعفو عنَّا وعنه.

ثُمَّ العجيب في الأَمْر أَنَّ الدَّكْتور تناقضَ مع نفسه، حيث ذَكَر فيما سبق أَنَّه يجب إِثْبات صفات الله؛ كما جاءَتْ مع تنزيه الله عن التَّشْبيه والتَّمْثيلِ؛ كما في صفحة (99 و101 و113 و115)، بينما نراه هنا يجوز تأْوِيلَها وحَمْلَها على المجاز.

هل هذا تراجعٌ عمَّا سبق، أَوْ هو التَّناقض؟!


الشرح