فاتَّضح لنا -والله
أَعْلم-: أَنَّ الحامل له على شنِّ هذه الحَمْلةِ هو التَّضايُقُ من الآراء
السَّلَفيَّةِ التي تُناهض البِدَعَ والأَفْكارَ التي يعيشها كثيرٌ من العالَم
الإِسْلاميِّ اليوم، وهي لا تتلاَءَمُ مع مَنْهج السَّلَف.
وقد نَاقَشْتُ في
هذه العُجالةِ الآراء التي أَبْداها في كتابه المذكورِ حول السَّلَفيَّة
والسَّلَفيِّين، وذلك من خلال التَّعقيباتِ التَّاليةِ، وهي تعقيباتٌ مُخْتصرَةٌ،
تضع تصوُّرًا لمَا يحتويه كتابُه من آراء هي محلُّ نَظَرٍ.
وَإِذَا كان
الدَّكْتور يعني بحَمْلته هذه جماعةً معيَّنةً؛ فلِماذا لا يَخُصُّها ببيان
أَخْطائِها دون أَنْ يُعَمِّم الحُكْمَ على جميع السَّلَفيِّين المعاصرين، وحتَّى
بعض السَّابقين؟.
والآن؛ إِلَى
التَّعقيبات:
التَّعْقيبُ
الأَوَّلُ:
قولُه في العُنْوان: «السَّلَفيَّة
مرحلةٌ زمنيَّةٌ مباركةٌ لا مذهبٌ إِسْلاميٌّ».
هذا العُنْوان معناه: أَنَّ السَّلَف
ليس لهم مذهبٌ يُعْرَفون به، وكأَنَّهم في نظره عوامٌ، عاشوا في فَتْرَةٍ من
الزَّمَن بلا مذهبٍ.
ومعناه أَيْضًا: أَنَّ تَفْريقَ
العلماء بين مذهبِ السَّلَف ومذهبِ الخَلَف تَفْريقٌ خاطئٌ؛ لأَنَّ السَّلَف ليس
لهم مذهبٌ.
وعلى هذا؛ لا معنى لقول الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ...» ([1])، وقولِه لمَّا سُئِلَ عن الفِرْقةِ النَّاجيةِ: مَنْ هِيَ؟ قال: «هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَومَ وَأَصْحَابِي» ([2]). لا معنًى لهذا كلِّه؛ لأَنَّ السَّلَف ليس لهم مذهبٌ.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).